كيف يستعبد العبد و قد ولدته أمه حرا؟ و كيف يحتل الوطن و مواطنيه ما زالوا جزءا منه؟ و لما نسجن الطيور في الأقفاص و مكانها الأصلي في الغابات بين غصون الأشجار؟
✕كل شيء يتم باسم الحماية و الأمن و توفير لقمة العيش، يغرق البلد في الديون ثم تستغل ثرواته دون أن يستفيد منها المواطن، فقط لاسترداد أموال كان أصحابها يستثمرونها باسم القروض، نطعم الطيور و نقنع أنفسنا أنها آمنة خلف القضبان، سعيدة في سجنها الصغير، و لو وضعنا مكانها لدقائق لصرخنا بأعلى أصواتنا منددين بحاجتنا إلى الحرية و لو كان السجن مزينا بكل أنواع الذهب و المجوهرات الثمينة.
كل ما نحن بحاجة له لاستعباد الشخص هو بناء حائط حوله، و إقناعه بأن الطريقة الوحيدة للنجاة هي بطاعة الأوامر، و هذا ما يفعله بالضبط، يرضخ لكل ما يؤمر به و ينفذه و لو كان فيه مذلة، و أحيانا يوضع طوق على العنق يدل على استملاك الشخص كعبد مطيع للسيد الجائر الظالم، أو ربما تغليل روحه بأصفاد الخوف.
لا أدري لما نقبل بالاستعباد و نحن خلقنا أحرارا لا سيد لنا، و لا حدود لحريتنا إلا تلك التي نصنعها في أذهاننا، و نقنع أنفسنا أننا بحاجة إلى طاعة من أوهمنا بأنه يملك مفاتيح سعادتنا و تعاستنا بين يديه، لما نرضى بالبقاء في أسفل الهرم، نرضي بالحرية في الأكل و النوم و التزاوج و لا نطالب بأي حق آخر، لما لا نحظى بحقنا في الإختلاف؟ في حقنا بالتصرف كما نراه صوابا، و ليس كما نؤمر، في حقنا بتحقيق أحلامنا و كسر الحدود التي بناها الخوف حولنا، لما لا نخرج من قوقعتنا و نُقنع مَن بأعلى الهرم أنهم ليسوا أسيادا كما يظنون.
لكل منا حقه في الحرية و الإختلاف، فلما نخشى بحريتنا الإعتراف، رضينا بالذل و من كؤوسه أذاقونا، جعلونا نحترف عبوديتنا و نبقى تحت الأقدام، بينما هم يسنمرون في التقدم بطغيانهم نحو الأمام، قليل منا من يعرف قيمة الحرية، فكما قال الشاعر أنيس شوشان: "عش حرا يا ابن آدم، فهذه الأرض للجميع" ليست ملكا لهم وحدهم بل ملكك أنت أيضا، ليست مطالبتك بحريتك عيبا، و ليست جريمة أو ذنبا، إنما هي حقيقة بيضاء، فليست الحرية أرضا جرداء، إنما هي مليئة بالخير و العطاء، و ليس للاستعباد بقاء، ولا مصير الحرية الفناء.