كنت مرتديًا زي الجيش عليه شعار مكتوب فيه "جيش الأمة الإسلامية"،كنت جنديا في المعسكر الغربي الذي يضم مصر و بلاد المغرب العربي و بعضًا من البلدان الإفريقية،كان هناك ثلاث معسكرات أخري يتمركزون حول فلسطين ، المعسكر الجنوبي ،و الشمالي،والشرقي.
كل المعسكرات تنتظر القرار...قرار الحرب،كنت أنتظر أنا و زملائي الجنود ساعة الصفر بفارغ الصبر،علي الرغم من أني أدرك أني هالك لا محالة،لم أحمل سلاحًا قط،تدربت في ثلاثة أيام فقط تدريبات خفيفة.
جئت متطوعًا رغم أني قد شارفت علي العقد الخامس من عمري،جئت لكي أنتقم،نعم...أنتقم من المعتدين،و ما فعلوه في أطفال و نساء و شيوخ غزة،صورهم في ذاكرتي ألآن،أتذكر خوفهم،آلامهم،دموعهم.
جئت لأنتقم مما فعلوه في قبلتنا الأولي و من المرابطين فيه.
الإنتقام،استرجاع كرامتنا و عزتنا،كل ذلك يعطيني قوة ، أشعر بها أني في العشرين من عمري.
كنا نتظر قرار المجلس الأعلي للقوات الإسلامية المتحدة باقتحام مواقع العدو،بعد أن اُهلك العدو من جرّاء قرارات وقف تصدير البترول إلي بلدان الغرب،و قرارات أخري أضعفت اقتصادهم.
أصبحوا ضعفاء،أصبحوا لا شيء،فقط عندما اجتمع المسلمون علي كلمة واحدة.
و مع طول انتظاري و استعدادي غلبني النعاس،و استيقظت فجأة علي نداء القائد و هو يقول "ساعة الصفر،توكلوا علي الله و الله أكبر".
كانت الساعة الثانية صباحا ،كنا متمركزين بالقرب من الحدود مع غزة في سيناء،تحركت مع كتيبتي،كان هدفنا هو الوصول إلي القدس و حماية المسجد الأقصي و مسجد قبة الصخرة من دنس المحتلين،فنحن لا نأمن غدرهم،فهم لا يعطون أي احترام لمقدسات الأديان.
و بعد يومين من أصعب اللحظات في حياتي دخلنا القدس،و وصلت مع جزء من كتيبتي إلي مسجد قبة الصخرة،وقفت مذهولا لا أصدق أني أمامه،ماذا أفعل؟! سجدت شكرًا لله و بكيت من فرحتي بعد أن علمنا أننا أحكمنا السيطرة علي عاصمة الدولة الصهيونية المحتلة،ماذا أفعل؟! أريد أن أوثق هذه اللحظة،آريد أن أراها دائمًا آمامي،فتذكرت ما يفعله الشباب بهاتفهم المحمول،أخرجت هاتفي من جيبي و فتحته،الحمد لله الهاتف بخير،فتحت الكاميرا فيهو التقط صورة "سيلفي" مع قبة الصخرة،و بعد أن دخلت المسجد و صليت ركعتين تحية له،طمئنني بعض الجنود أن الأمور مستقرة،فافترشت علي أرض المسجدو نمت نوما عميقا،عميقا جدًا،بعد يومين من إرهاق المطاردات و المناورات.
_أبي...أبي،استيقظ الطعام ساخن يا أبي هيا قم لتفطر.
*أفطر!!! أي فطار؟!!أين الكتيبة؟!!
و مع ابتسامة خفيفة قالت له :
_من الواضح أنك كنت تحلم بفيلم "الناصر صلاح الدين"الذي شاهدناه ليلة أمس.
-
يحيي إيادصحفي بجريدة "دنيا الفلوس"...
التعليقات
الكاتبه والمولفه: فدوى