يقول أوجست كونت بكل ثقة {إن الاعتقاد في ذوات عاقلة أو إيرادات عليا، لم يكن إلا تصورا نخفي وراءه جهلنا بالأسباب الطبيعية، أما الآن و كل المتعلمين، من أبناء المدينة الحديثة يعتقدون بأن كل الحوادث العالمية و الظواهر الطبيعية لابد لها من أن تعود إلى سبب طبيعي و أنه من المستطاع تعليلها تعليلا علميا مبناه العلم الطبيعي، فلم يبق فراغ يسده الاعتقاد بوجود الله، و لم يبق من سبب يدفعنا إلى الإيمان به}
يفهم من كلام أوجست كونت أن مفهوم الإله إنما وضع لتفسير الظواهر الطبيعية، فمع تطور البحث العلمي و زيادة عدد الظواهر التي يتم تفسيرها بالعلوم الطبيعية، يقل وفقاً لذلك دور الإله، فلا يبق سبب يدفع الناس إلى الإيمان به !!
أقول: أن هذا الكلام متهافت و متجاوز لحقيقة مهمة، و هي أن القوانين مجرد أداة للتفسير، وليست سبباً لإيجاد الشيء ، فقانون الجاذبية يُفسِّر ولا يَخلُق ، كالذي يقول أن قوانين الميكانيكا هي التي تصنع السيارة ، فوجود قانون يفسر حقيقة علمية لا يعني أن هذا القانون هو الذي أوجد الحقيقة بعد أن كانت عدماً، إذ إن ذلك لا يلغي سؤال الحدوث فتنبه.