مقالة سائلة ولزجة على سبيل التفريغ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مقالة سائلة ولزجة على سبيل التفريغ

تعتيق فكري للخروج من شبكة الملل القومي

  نشر في 22 ماي 2016 .

تخيلت للحظات كيف يمكن لمقالة من نوع ما، أن تكون في حالة سائلة ولزجة، وكأنها تفريغ آدمي لمادة إخصاب عقلية، لعلها تفلح في تخصيب العقول الداجنة والمدجنة، وتنفخ أرحام بنات أفكارها بنسل كريم وحكيم، يعتقها من قوانين سوق البغاء الطائفي والسياسي المعولم، الذي صارت فيه عقول الناس..

ومن أجل ذلك، كان علي أن أقرأ خريطة الواقع وأتفهم حقيقة ما يقال أنه هو بالذات بالذات ما يجري..!!

تعالوا معي.. لنرى كيف سارت الأمور.. ولنروح عن أنفسنا قليلاً بحديث جاد، يخفف عنا وعثاء الأحاديث التافهة التي نجريها بكل إخلاص طوال الوقت..

تعالوا.. لنرى فقط..؟!

سأضرب مثلاً، وأقول أني ومنذ عامين أو أكثر، أحاول كل يوم أن أقرأ الواقع من خلال ما تعرضه علي صفحات كتاب الوجه وكتاب التغريدات وغيرها من المصنفات الاجتماعية المقرمشة، وأحرص على أن يكون ذلك باستبصار عميق، يسبر غور ما يجري مكتوباً، وبرؤية مترفعة بوقار حكيم عن الجزئيات والصغائر الشخصية، واضعاً على سطح مكتبي نفس السؤال: ماذا يجري؟!

الحقيقة أني لم أعد أعيش الواقع الفعلي كثيراً، إلا في حدود ارتباطاتي الذاتية الضيقة به، فمعظم الوقت أقضيه هنا بين طيات الوجوه المكتوبة في هذا العالم الافتراضي- كان هذا من جهة وحسب..

ومن جهة أخرى، لم تعد تعنيني المسافة الفاصلة بين العالمين، ولا العلاقة التي تربط بينهما، كما أني لا أنتمي الى أي منهما، وطالما أن البحث عن جواب للسؤال عما يجري، مقصود منه بلوغ أسباب الوعي بمفردات الحقيقة، بغض النظر عن تعقيداتها النسبية، واشكالياتها الذاتية والموضوعية، فالضرورة تحتم علي أن أكون أكثر انشغالاً بما يجب أن أنتمي إليه بالفعل، وما ينبغي أن أكون عليه نصاً وصورة.

تمر الأيام سراعاً، دون أن أحظى بوقت للإمعان في الاحتمالات المتاحة، أو التوقف عند المجريات التي لم تعد تأتي بشيء ذو أهمية، حتى أني في كل يوم أتساءل: بما أنا منشغل إذن؟!

"ليس مهماً" – هكذا لا يأتي الجواب، ولكنه الجواب الصحيح على كل حال وإن لم يأتي على متن إشعار بتعليق، أو نكزة خفيفة على مؤخرة شيء ما لا يشعر بالوخز..

الصفحات فارغة إلا من حشوات بلون البق و طعم الجراد ورائحة الذبابة، والوجوه جامدة لا تعطي انطباعاً بخير أو بشر، الكل غارق في لجة التيه المدلس بخربشات المعرفة المتفجرة، والجهالة المنشطرة في مفاعلات الأساطير المحدثة، فلا شيء يستحق التنزيل الى قرص العقل، بقدر ما أن كل شيء يستحق التهيئة، فلا تغرنك قيم الإحصاءات فالمعجبين في أغلب الحال ليسوا أكثر من منافقين!!

**

"لا وجود لكائن اسمه الله"..؟!- هكذا يقول من يعتقدون أن القول بهذا وحده يجعلهم ملحدون، ثم تأتي مشاحنات ورثة الأديان وأتباع الطوائف وأذيال شياطين المذاهب والأحزاب، وكأنها عواء كلاب في طريق مقفرة، أو قعقعات نعام تحاول عبثاً أن تلقي بيوضها منذ قرون؟؟!!

**

للشعر مكانته أيضاً، وإن كانت التسمية هذه تكاد تكون ضرباً مفرطاً من المجاز، العشاق يكتبون والمعذبون في إسار الهوى يكتبون، والعوانس والعاطلين والمتسربين من المدارس وذوي العاهات النفسية ..

الجميع يكتبون الشعر نثراً، لا يعييهم وزنُ ولا يحجزهم بحر أو تخنقهم قافية، فما عاد هناك شعر أصلاً، نثروا كل شيء حتى فضلاتهم دون أن يكلفوا أنفسهم رش الأجواء بسوائل التعقيم أو مضادات الأكسدة.. وللأمانة ما عاد أحد يحتاج حاسة الشم في عالمنا الافتراضي، ولعلنا سنتكيف وننتج جيلاً طفرياً بوجوه ليس فيها أنوف..!!

أرجوك.. لا ترغم نفسك على تخيل شيء!..

**

يأتي حديث النساء.. وياله من حديث!! فلا وجوه ولا مؤخرات.. مجرد بيانات تفيد بأنك تخاطب إحداهن، غير أنهن ملح هذا العالم وزينته.

يكفي أنهن يعطينك مدد الوقت لتضيع أكثر ، ولتتخلف عن موعد الدرس أو لتتأخر عن لحظة بدء الدوام أو لتسهر الليل دون أن تشعر بمؤخرتك وقد اشتعلت شيبا وتنميلاً..!

إنهن حوريات الفضاء الرحب.. الأنيميات الرائعات، والعوض النفسي عن أفلام الجنس الإباحية، ونشرات الأخبار الملفقة، فأحياناً يظهر لك إعلاناً عن خطبة أو زواج فيسبوكي بين إحداهن وأحدهم، أما الطلاق فيكفي أن يصدر على هيئة (بلووك)..!!

وفي أحيان أخرى يظهر لك خطاباً ساخناً يبصق في وجهك لعنة صاحبته، لتركبك وصمة حبر لا تُمحى، وليُذّكرك أصدقائك كل يوم بأنك الملعون والمطرود من رحمة تلك (الإحدى) المقوسة والمحدودبة الظهر – "بنت المغارة".

أقول.. ربما تضمن اسمها المستعار إيحاءً خادعاً.. جعلك في نهاية المطاف تستحق البصقة.

"ماذا يجري؟"

لازال السؤال أو السائل المقالي اللزج قائماً ومنتصباً على غير عادته الرخوة، يزهو بمشقته وكأنه عضو فاعل في منظمة نسوية متحررة من تاء الأنوثة المسحوقة بقضيب السلطة الشرعية، وعارية من نون النسوة وكسوة عيد جمع المؤنث الغير سالم اطلاقاً غشاء بكارته، ولازلت أنا أطارد لحظتي الشبحية في كنه الوجود المفترض، دون أن يكون لي من الألفين صديق أي عزاء أو أمل.. سوى هذه المقالة السائلة واللزجة، على سبيل التفريغ..

في الحقيقة أني وفي كل يوم:

لم أعد أهتم..

إلا بالتفريغ..

(!!)



   نشر في 22 ماي 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا