جَنَّتي وحَيْث كُنتِ
" و حِين أرغب فالحكي ولا أعْرف إلا غيركِ مُنصتًا ـ ـ "
نشر في 06 فبراير 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
هل لي حياة من بعدها ؟ هل أستطيع العيش بدونها حقا ؟
هكذا ظل يردد و هم يدفنون جسدها الهش على التراب و وسط التراب و أسفله، تلك التي لم يكتفي من دفئها ولن يكتفي حتى لو لبثت أكثر، تلك الماسة النادرة، تلك الروح التي لا تمنح مرتين؛ رحمك الله أمي، -أمي- لم أشبع بعد من قولها ، وجهك –أمي- لم أتفرس فيه جيدا بعد ، حبك –أمي- حبك لم أخد ما يكفي منه حتى. كان قدرا رأيته لعنة،هل ارتكبت خطأ تجاهك؟ لم أصرخ فيك يوما-قد أكون فعلت فلتعودي لأطلب سماحتك فقط- ، لطالما أحببتك أمي لطالما آمنت أنه لن أجد مثلك أبدا واقتنعت لكني لم أقتنع أبدا أني سأفقدك في الفترة التي سأحتاجك فيها أكثر، آه، أمي كيف الحياة بعدك؟ فقط قولي كيف أراك تصورتها لحظة نفسك الأخير؟ ضباب مظلم لولا رحمة الرب.
لم أرد الحديث مع أحد، ولا رؤية أحد، أعلم أن أبي وأختي يعانون مثلي لكني كنت أحس أن وجعي قد فاق وجعهم، فلازلت أصغر على فاجعة كتلك التي عصفت بنا جميعا بعيدا عن حياتنا السابقة. كنت أعلم أن الحياة من بعدك لن تكون كما قبل، بل ولم تكن أحسن حتى.
كنت في السادسة عشر عندما رحلتي، لقد فارقتني في وقت حرج أمي، لم أكن أطيق الذهاب أبدا للدراسة لولا إصرار أبي، تغيرت بالكامل أو لقد كان ردة فعل طبيعية، لم أعد أحدث زملائي، لم أكن أشارك في الحديث؛ تحسنت بعد شهرين وأصبحت أرد السلام، كنت أدرس بجد، فقط لأتجنب الفراغ وأتجنب تذكرك –لكني فشلت- ولكي لا يعاقبني أبي، كان يعلم أني منكسر إلى أكثر من قطعة ولمها أكثر من مستحيل لذلك صار يضغط علي أكثر للخروج و الدراسة لعلي أتلملم ثانية- ذلك كان صعبا جدا بل جدا – أصبحت كآلي يعيش على ردة فعل- فعل العيش بدونك- ، انتهى العام الدراسي بصعوبة، كنت الأول كما لم أعهد يوما، كان علي أن أكون مصدوما كما كان أصدقائي و أساتذتي و فرحا كما كان والدي و أختي، لكني لم أكن صدقا لم أحس بهزة غير عادية في مشاعري، كان ذلك لا يستحق، كل شيء لا يستحق بدونك أمي.
وها هو الصيف بعطلته ابتدأ وبعد انتهائها أصبح تلميذا في الثانوية؛ كنت على معرفة بأصدقاء كان منهم الصالح و الطالح، وفي تلك الفترة كانت الفئة الأخيرة يقتربون مني أو أنا من اقتربت، كنت ضائعا بلا روح أحس وكان ذلك الطريق الذي قادوني إليه أو أنا الذي ذهبت بإرادتي بعد أن وثقت بأقوالهم، كنت ظنا أنه الطريق السوي الذي سيرد لي الحياة، الطريق الذي سيجلب لي رغبة العيش من جديد بعد أن فقدت بفقدانك.
{ . . . }