_الراجل ما يتسخرش.( الرجل لا يطلب منه شيء). هكذا علقت حماتي على طلبي من زوجي حمل ابنه الرضيع كي ينام.
_ هاذيك بكري ماما ،درك الراجل يتسخر.(ذلك في الماضي امي ولكن الان الرجل يساعد زوجته).
_قالتلك ما يتسخرش،اكد زوجي بلؤم وهو يضع رجلا على رجل ويتكأ على الوسادة مختالا .
وضعت ابنه في حجره و قلت: "صح ما يتسخرش علاه نفهم كثر منكم"(لو تدري بأن ولدها هو من يقوم بوضع اواني الطعام في غسالة الصحون كل ليلة،ويحمل ابنه ذهابا وايابا حتى ينام) ،و ذهبت لمساعدة ساندريلا في اعداد العشاء.
~~في المطبخ~~
_ ظننت انه صار يعرفني جيدا ،اردته ان يتعامل معي بلطف اكبر ،لكنه تعمد ان يحرجني امام والدته في كل مرة نتقابل فيها.
_عزيزتي لا تنزعجي ، فوالدته تغار جدا عند رؤيتكما منسجمين .
_تغار!لربما كان الاجدر بها الاحتفاظ بابنها المدلل ،هل حمله لابنه او مساعدته لي ينتقص من رجولته !،لقد تضايقت جدا .
_هل ستمضين زيارتك القصيرة في التذمر؟! ،جهزي السلطة وزينيها جيدا .
_حسنا ساجهز لك سلطة رائعة .
فجأة توقفت ساندريلا المنزل عن وضع الاكل في الاطباق.
_انظري يا نور الى طبق الكسكسي،انه يحتوي على قمح و مرق و خضر وحمص و لحم ، مختلفون، لكنهم انسجموا وشكلوا طبقا شهيا ،اما في الاسر هذه الايام نجد الاختلاف بين الاخ واخيه وبين الام وابنتها وبين الزوج وزوجته،لا يوجد التكامل والانسجام الذي يجب ان يكون داخل الاسرة ،احمد الله انني انسجم مع الجميع ، لان الاختلاف مع ضرتي امر عادي .
لم استطع منع نفسي من الضحك.
_آآ،ضحكت اذن، آه منكن يا بنات اليوم !سريعات الغضب وعصبيات جدا،لا تستغلي الفرصة للكسل ،اكملي السلطة بسرعة.
كان كل شيء رائعا ،طاولة الطعام مرتبة بعناية .جلس الحضور لتناول العشاء ،حماي وحماتي ،انا وزوجي و زوجة حماي،...اجل ضرة حماتي،"لالة "هكذا كنا ندعوها،ساندريلا كما اسميها ،سيدة رائعة،كانت بالستين من عمرها،لكن الزمن لم يؤثر على جمالها ،بت اعتقد ان جمال الروح يظهر على وجوه الناس ،تعجبت كثيرا يوم عرفت بأنها موظفة متقاعدة ،مازلت اتذكر كلماتها عندما سألتها بخجل شديد :آسفة على سؤالك ،وعلى تدخلي بما لا يعنيني،ولكن ارجوك اشرحي لي ،كيف قبلت بزوجة ثانية ؟كنت امرأة مستقلة ماديا و جميلة جدا،وفكرت بتتمة فكرتي دون ان اتجرأ على نطقها"لما تحملت ضرة تعاملك بكل هذه الفضاضة و زوج يخشى زوجته الثانية؟،كيف تحملت مقاسمتهم السقف و مجالستهم لسنوات طويلة!؟"
_دام زواجنا عشر سنوات،لم انجب ،كنت احبه جدا ،وافقت على زواجه مرة اخرى ،غير ان الناس يختلفون ،لسوء حظي كانت اسوء ضرة في العالم ، تحملت في البداية لانني لم اتحمل بعدي عنه ،ثم تغير ، احسست بانه مل كثرة لومها له على كل صغيرة وكبيرة،كنت اطيل فترة زيارتي لاشقائي عله يشتاق الي ،الا انني لم اشعر ابدا بشوقه ،لا بالعكس،من جهة اخرى كنت ضيفة خفيفة مهما طالت مدة بقائي عند اخوتي ،فأنا زوجة ثانية تزورهم من بيت زوجها،ولكن كأخت مطلقة لم اكن لاحظى بنفس الترحيب،ثم جاء الاطفال وكانت تترك لي مهمة الاعتناء بهم ،احببتهم جدا ،وجودهم حقق لي سعادة شعرت بها لاول مرة في حياتي ،وصار زوجي وضرتي مجرد شخصين اراهما كل يوم ،وكبر الابناء وهم يعتبرونني والدتهم الاولى،كل شيء يهون وانا احس بحبهم الكبير لي،لكن احيانا احس ببعض الضيق، لا اكون حينها متأكدة جدا من انني اخترت انسب الحلول.
دمعت عيوني وانا اتذكر كلماتها ،وتذوقت الطبق الشهي ،أمممم،رائع!قلت لنفسي.
_أخخ . قالت وهي تتذوق الطعام.تفاجأت لكلام حماتي،يالها من فضاضة ! استرقت نظرة لوجه "لالة"،تغير وجهها قليلا فقط، اخفت تأثرها جيدا،يا لقوتها و صبرها !
_اممم ،اظنه الذ كسكسي تذوقته في حياتي على عكسك حماتي العزيزة ،حتى انه الذ من الكسكسي الذي تحضره امي ،سلمت يداك "لالة" لعزيزة .
اشرق وجهها وابتسمت لي :بصحتك بنتي.
تطاير شرر من عيون حماتي ،لكنها ابدا لن تختلق عداوة مع كنتها زوجة ابنها الاصغر المدلل.
اصررت على تنظيف الصحون ،بينما اعدت "لالة " الشاي ،كانت تقوم باغلب اعمال المنزل بمفردها ،حماتي رزقت بثلاث اطفال ،غير ان "لالة"،كانت امهم الثانية ،كانوا يحبونها جدا ،و يتصلون بها ،ويدعونها لزيارتهم ،و يهدون لها الكثير من الهدايا....سرا،اجل سرا ،لتفادي غضب والدتهم،كان حبهم هو ما يخفف عنها قساوة الدنيا.
دخل زوجي المطبخ خلسة و قبل يدي "لالة"،احتضنته بحنان الام لولدها ،رأيته يخفي العطر الفاخر الذي اشتراه في سفره الاخير،اهداه اياها خفية حتما.
_امي تسأل عن الشاي ،سأل بصوت مرتفع وكأنه يسمع والدته.
امتعضت و حركت رأسي يمنة ويسرة .
_انه جاهز ،اجابت "لالة".
قبل يديها مرة اخرى قبل انصرافه من المطبخ.
هل يستطيع الانسان تحمل سوء المعاملة لسنوات،هل يهرب من سوء معاملة اكبر ،رن صوت ابراهيم الفقي رحمه الله عاليا في اذني:
"اتصلت بيا وهي منهارة وبتقولي جوزي طلقني ،
قلتلها اللي بعدو ،
يعني ايه؟،سألتني،
يعني فيه اكثر من مليار راجل غيرو في الدنيا "
هكذا كانت الحلول بالنسبة الى نور جذرية.
التعليقات
اعجبني وصفك الدقيق للاحداث.. لقد جعلتني هناك بزاوية من ذلك المنزل وسط تلك العائلة ..
اعيش و أساير الاحداث .. حتى أني لبرهة إنتظرت منك أن تمنحيني إسما او شخصية لاكون فردا او جزءا من تلك القصة ...ههههه... في منتهى الجمال
أبدعت حقا ..
بالتوفيق و في إنتظار مزيد من كتاباتك القادمة .