نحن نحتاج أحيانا أن تمتد إلينا يد غريبة و أن تجرنا من خارج الهوة كي نرى أنفسنا من الأعلى. أن تأخذنا إلى مكان آخر، و نظرة مغايرة عمن نكون. أن تأخذ قرارا فاصلا عنا لأننا في لحظة ما مثقلون جدا، و مكبلون، لا نملك في دواخلنا جرأة التفكير في التغيير. نحن نحتاج أن يتوقف شخص واحد عن مجاملتنا، أن يدعونا إلى إعادة النظر في طريقة تفكيرنا، في أن يوجه إلينا المرآة كما نرفض أن ننظر فيها، و يرينا نقاط الضعف كي نبصرها. نحن نحتاج إلى من يدعونا لنبوح بالأشياء التي كتمناها في أنفسنا طويلا، و أن نضحك أخيرا على تفاهتها. نحتاج أن تصل إلينا رسالة مجهولة تخبرنا أن لوجودنا في هذه الحياة قيمة كبيرة و إن لم ندرك ذلك. إن لم يحدث أن وصلتك، فإنني كتبتها لأجلك الآن و هاهي للتو وصلتك! نحتاج أن نقرأ الكلمات المناسبة جدا، تلك التي لا تحفزنا بقسوة فتشعرنا في مواقف ضعفنا أننا مستسلمون للتقاعس و الفشل. و لا تلك التي تجعلنا نرتدي مرغمين عباءة الإيجابية الزائدة. نحتاج ألا نحبس مشاعرنا السوداء في بقعة ضيقة من الذاكرة فتسري دون إنذار منا لتهلك باقي الجسد. نحتاج إلى أن نترك كل الأحاسيس تمضي؛ تأتي و تذهب دون أن نتعلق بها طويلا. نحتاج إلى أن نقلب الأرض طولا و عرضا إلى أن نجد الأشياء التي تنعش أرواحنا من الداخل. تلك التي تجعلنا نقفز كأطفال صغار من الفرح، و قلبا واحدا يعادل كل تلك الأشياء لنتخذه موطنا لنا. نحتاج إلى أن تحفنا البهجة، و أن تغمر أشعة الشمس كل جوانب معيشتنا، أن نحلق في سماء هذا الكون و قلبنا مضيء. نمشي و نحن نسكب من هذا الضوء على من نصادفه في الطريق. نحن نحتاج أحيانا أن تمتد إلينا يد قوية، تدفعنا أن نتخلص من الجمود و الوهن، و من الرتابة المخنقة و المميتة. نحتاج أن تعبر ملامحنا تقاسيم السلام، و البشارات، و الابتسامات العريضة. أن نشعر أننا بحق أحياء و نتنفس ! 

نهيلة أفرج