*أنْ تَكونَ سُلَّماً*
أراد أن يصعد إلى أعلى فلم يستطع لعدم وجود السُّلَّم.
منذ أن خلقنا الله تعالى ونحن نتدرج في الحياة من آنٍ لآخر، خطوة تِلو خطوة، نتعلم الكثير من الأشياء، فنرتقي من أسفل إلى أعلى.
فلو نظر أحدنا لماضيه لعلم أنه كان صغيرا وكبُر، كان جاهلاً ببعض الأشياء فعرفها، كان محتاجا لبعض الأشياء فحصل عليها، كان يحلم بأشياء فحققها.
فهل سأل نفسه يوما كيف كَبُرَ؟، كيف عرف؟، كيف حصل على هذا؟، كيف حقق حلمه؟
إن السُّلَّم موجودٌ بيننا، نصعد عليه ومن خلاله نرتقي لأعلى.
مِنَّا مَن يعتني به وينظفه ويحافظ عليه وينمِّيهِ ويهذبه.
ومِنَّا مَن يدوس عليه بأقدامه متجاهلا له، مرتقيا للأعالي. فلما أرادَ أن يهبط حدث ما لم يتوقع، لقد أهمل فيه دون مبالاةٍ، فأصاب السُّلَّم خللٌ، فهوى صاحبنا من الأعلى منكسراً ذليلاً لا معنى له.
صورٌ وأشكالٌ وألوانٌ متعددة في حياتك، تضاربت أمواجها فأخرجت لك أشياءَ وابتلعت أخرى.
كنوزٌ دُفِنت في مكنونات نفسك يُرادُ استخراجها برفق.
لقد طرق باب العمل يوما واجتهد فيه، وأظهر براعة فائقة في إدارته وتحمله. لم يشعر به أحد أثناء وجوده، غاب ذات يومٍ فتوقف العمل! كيف حدث هذا؟ أين فُلان... أين فُلان
إنه سُلَّمُ العمل.
خرج لجامعته حاملا هَمَّ العلمِ، تفكيره مُنْصَبٌّ في التحصيل، كتب ما استطاع كتابته، فهم ما استطاع فهمه، طُلِبَ منه بعضاً مما كتب لأجل أصدقائه فلم يبخل. قدَّره بعضهم، ولم يأْبَه به البعضُ الآخر.
مرِضَ يوماً فلم يستطع الذهاب، لم يكتب أغلبهم لعلمهم بكتابته. فتفاجأ الجميع بغيابه. مَن الذي كتب؟ لا أحد...!
إنَّه سُلَّم العِلم.
أبٌ وأمٌ ربَّوا أبنائهم تربيةً حسنةً، سهروا من أجلهم وعمِلوا لهم ما يحبون، أريد شيئا يا أمي..حسنا يا ولدي، أريد هذا يا أبي...حسنا يا ابنتي. تفانَىَ الإثنان في أبنائهم. لكنً شيئا يسيرا عظيمَ الأثر قد نُسِي.. يسيراً في تطبيقه عظيماً في أثره. كيف أن الابن أو البنت يستطيعا فِعْلَ هذا بأنفسهم؟
لقد نَسَوا بناءَ سُلَّم التربية.
فتِّش في نفسك ومَن تعول وابحث عن تلك السلالم
سُلَّم العمل...سُلَّم العِلْم...سُلَّم التربية
اهتم بها، ونمِّها، واصعد وارقَ من خلالها.
حقاً لن تنهض أمة ولن تُسَطِّر أمجادها إلا بالعمل والعلم والتربية
أنت أمة في نفسك فابدأ بها
أنت أمة في أسرتك فابدأ بها
أنت أمة في مجتمعك فابدأ به
أنت أمة في وطنك فابدأ به
لن نكون إلا بتلك الثلاثة
علم بلا عمل أو تربية...لا فائدة منه ولا في صاحبه
عمل بلا علم أو تربية...فاشلٌ من أوله وباطل
عِلم أو عمل بِلا تربية...يَنْهَارَا سريعاً
فليس لنا إلا الإعداد المُحْكَم لبناء سُلَّمٍ
من العِلم والعمل والتربية.
-
إسلام رجبطالب بالدراسات العليا بكلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر بالقاهرة، درس اللغة والثقافة الإندونيسية بالمركز الثقافي الإندونيسي بالقاهرة
التعليقات
الاضلاع الثلاثة لمثلث الرقى والتقدم او لارتقاء سلم الحضارة ارجو لك التوفيق دائما.. تحياتى