وحكمت محكمة لاهاي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

وحكمت محكمة لاهاي

  نشر في 19 غشت 2020 .

وحكمت محكمة لاهاي

..هيام فؤاد ضمرة..


هل حقا المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي تمثل المهزلة الحقيقية في التلاعب بشكل الحقيقة في قضية إرهابية كبيرة راح ضحيتها رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري عام 2005م ومعه 21 شخصا من الابرياء الذين لم يكن ذنبهم أن تواجدوا بموقع الاغتيال، وحصر الاتهام بأشخاص مجرد أسماء لا وزن لها ولا لها قيمة ليمثل ذلك ارتكازا على الأسباب، غير أنها كانت تنفذ عملية ضخمة لا يقدر على ارتكابها سوى جهات سياسية يدها تطول مثل هذا السلاح وقلبها ميت أمام مصالحها.. فلأي جهة ينتمي القاتل المجرم الغائب، وكم تلقى من تلقى ليأتي الحكم مقتصرا على تحيمل كاهله وحده كامل القضية؟

انتصر مرتكبوا الجريمة البشعة، وكعادته الجسد اللبناني في تلقي الطعنات في قلبهه النازف، فقد أصبح الحكم نافذا بعد خمسة عشر عاماً و2600 صفحة من التداولات والتحقيقات ورفع التقارير.. وتوقف الحضور في المحكمة دقيقة صمت على أرواح انفجار مرفأ بيروت ولم يقفوا دقيقة على أرواح من استشهدوا بالقضية التي يشهدون إغلاقها.. وككل شيء في عالم التحقيقات المشكوك به ينتهي بمثل هذه الدقيقة.. إنها دقيقة لقلب الصفحة ومسح الأثر.

الحكم الباهت الذي حكمت به محكمة لاهاي بعد خمسة عشرة عاما يؤكد أن طول الزمن بالتدارس والتباحث يمسح الكثير من حيثيات القضية أو يظلل عليها، لهذا فالعدالة أبدا لا تأتي بمثل هذا التأخير الطويل، وأن الأحداث التالية لعبت دورا كبيراً لوضع هذا الحكم الذي يبرئ جهات كانت مصدر اتهام، فأين العدالة بحصر العملية بشخص واحد ينتمي عمليا لحزب الله من جريمة تفجير موكب الرئيس رفيق الحريري، فلم يكن غريبا أن عقول اللبنانيين لم تستسغه معتبرين أن الحكم تم تسييسه بقصد واضح.

رد فعل أسرة الرئيس المغدور الحريري واضح فيه أنه اتخذ في أجواء من التماسك عن حكمة وتؤدة وعمق قرار، وأنه قد تم الاتفاق عليه فيما بينهم قبل مغادرتهم لاهاي، ليكون موقفهم موحدا أمام الإعلام والشعب اللبناني، بالأخص كون الشعب اللبناني ما زال يعاني صدمة انفجار مرفأ بيروت الضخم وسقوط مئات الشهداء وآلاف المصابين والمتضررين، وصدمة الوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان، وانهيار الليرة اللبنانية لأسوء تدني ممكن، لأن أي إثارة في ظل هذه الظروف سيكون رد فعلها وخيما على أمن لبنان.

قد يكون حكم المحكمة الدولية في لاهاي قد جنب لبنان فتنة طائفية واجتماعية وسياسية، وبرأ سوريا وحزب الله صوناً للبنان الذي يعاني أهله معاناة الشدة والهول، وما عاد الأمر يحتمل مزيداً من الكراهات والمصادمات، خاصة أن المحكمة الدولية قابلت الكثير من شهود الزور التي حاولت أن تحرف مسار القضية بشكل يثير للأحقاد بين الأطراف وقد يؤدي إلى مزيد من العنف والتخريب، وأظن أن سعد الحريري وعمته على علم يكاد يكون فعليا من هي الجهة المتهمة لكنهما آثرا الصمت ليقدما تضحية كبيرة للبنان وأهل لبنان، لهذا أعلن أنه لن يستكين حتى يشهد العقاب لقتلة أبيه ما يعني أن القتلة ليسوا بغائبين عن معرفتهم.

وأمام قضية استنزفت حوالي 700 مليون دولار على مدى 15 عام، صار لزاما التفكير جيدا قبل تحويل قضية تفجير مرفأ بيروت إلى المحكمة الدولية، خاصة أن التقديرات تحدد رقما مبدئياً للخسائر يقدر ب 15 مليار دولار، وهذا ما سيجعل كلفة المحكمة الدولية تتناسب طرديا مع كلفة القضية ذاتها، وإن انتظارا ل15 عام أخرى قد يكون فيها لبنان أكثر اختناقا بقضايا جديدة، فالمستقبل في الوطن العربي بات غير آمن مع تدخلات القوى الخارجية.

فمن يكون سليم جميل عياش هذا القاتل الخطير الذي حمل وحده وزر أكبر عملية اغتيال اجرامية في لبنان، هو مواطن لبناني جنوبي من قرية حاروف ينتمي لحزب الله، من مواليد 1963م أي أن عمره وقت ارتكاب جريمته كان 42 عاما، هو عمر يتقبل غسيلا للأدمغة تحوله إلى الشر وهو يعتقد أنه يفعل الخير، فالسيطرة على العقول وتحويل مجرى الذهون هي عمليات تمارسها غالبية القوى لتطبق خططها غير الاعتيادية.. وسعد الحريري موقن أن الشعب اللبناني بذكائه المعروف يعلم جيدا الجناة مثلما هو يعلمهم، كما يعلم أن من ارتكبوا جريمة قتل والده عليهم أن يعلموا أنه ما عاد هناك إمكانية لتفلت القتلة لأهداف سياسية عن دفع ثمن جرائمهم البشعة.

ولا أظن أن حكم المحكمة الدولية على ما جاء عليه من تبرئة ثلاثة من المتهمين وحصر الاتهام بمجرم واحد يعتبر انتكاسة لتيار المستقبل لأن التيار أقوى من أن يكون سطحياً تجاه القضايا المصيرية التي تمس لبنان، ولا كون المجرم من منتمي حزب الله يعتبر مدعاة لاتهام الحزب فقد يكون القاتل باع نفسه لجهة دولة الاحتلال بفلسطين طمعا بالمال، فقد كان الرئيس الحريري شوكة في حلق المخربين بلبنان.

والمجرم المتهم هو واحد من أصل أربعة متهمين بقضية تفجير موكب الرئيس الحريري، وهم حسين عنيسي، وحسن حبيب مرعي، وأسد صبرا، تم تبرئتهم لعدم توفر أدلة كافية للاتهام، فانحصر الاتهام بشخص عياش فقط

فيا ترى هل غير المقتنعين بالحكم سيتقبلون الحكم برحابة صدر وهم يكادون أن يكونوا متأكدين ما في يقينهم عن الحقيقة؟.. وهل يكفي هذا اليقين لتوجيه الاتهام لأي طرف؟..

نرجوا الله العلي القدير نحن المراقبين المحبين للبنان ألا يصل الأمر لهذه النتيجة وأن تظل التضحية بالحقيقة رسالة خالدة في أذهان اللبنانيين، أن الخير دوما هو المنتصر.. ولبنان واللبنانيون بكل طوائفهم يستحقون التضحية، ونتمنى أن يمسحوا تعبير الطوائف ويكونوا المواطنين المخلصين للبنان فقط.


  • 1

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 19 غشت 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا