للحبِ حكاية......وللمشاعرِ عناوين - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

للحبِ حكاية......وللمشاعرِ عناوين

وتمضي الأيام .. ويعرف الكرسي الكثير الكثير

  نشر في 01 يونيو 2016 .

للحدائق رابِطُ قوي بين الإنسان وبين ما يُحيط به من عالمٍ يعيش فيه فلقد شعرَ الإنسان منذ بدء الخلق بحاجتةِ الشديدة إلى وجود مكان تهدأ فيه النفس وتطمئن فيه أحاسيسه ووجدانه ويستريح فيه بالنظر إلي جمالهِ . هذا المكان اما الحديقة او البحر.

في حديقة بلامنين بفرانكفورت الألمانية حيث تضمُ العديدَ من حدائقِ الأزهار الموسمية والعديد منَ النباتاتِ المدارية وأعدداً كثيرة من الزهور والنباتات تتميزُ بِجَمالها الخَلابْ وبها أزهارٌ مُتنوعةِ الأَشْكال والأَنواع أَما أشجارها فعاليةٌ وثِمَاِرها يانعه توحي بأنها لذيذةٌ وطازجة, وعلى أغصَانها عصافير مفردة تُزَقزقْ بمختلفِ الألحان الشَجية وقدْ أعُجبت بأرضِها المعشوشبة وكأنها تكتسي حلةٌ خضراء وسمائُها الزرقاء الصافية وشَمسُها الذهبية التي تعكس اشعَتُها على كل بقعةٍ فيها والفرشَاتُ الجميلةِ وصَوتِ خريرِ المياء المُنبعثِ من نوافيرِها في كلِ مكانٍ. وعلى الجانب الآخر نهرُ جاري تعمُ فية القوارب الصغيرة ,و الصبية تركضُ وتلعبُ هنا وهناك بكل راحةٍ وطمئنية . حينما كنتُ أتجول في الحديقة لفتت نظري تلك المرأة البالغة من العمر 72 عاماً تجلسُ على الكرسي , بدأت العصافير بالتجمع حولها زقزقةُ عصافير ونسماتٌ خَفيفِةٍ وأشْعة ضوئية لطيفة تتخللُ الشجرة التي تُظلِلهُا ونسماتِ عطر الورود الشذية التي تفوحُ من حولها انيقة في لبسها رزينة في جلستها هادئه في نَظرتِها والبسمة مُشرِقة في وجهها.

مَررتُ من أمامها فأذا بها تسألني هل أنْتِ مُسلِمة( وأستدلت بذلك من حجابي) ؟؟؟؟

فَقلتُ: نعم يا سيدتي.

فَما زَادها الا تَبسماً فأحترتُ في ابتسَامتِها الجميله والتي تَدخُلُ القلبَ وتُشعركَ وكأنْها تقول هلمَ الي أبنائي لأَحْضُنكمْ.

فكانَ عِنْدي فضول انْ أعرفَ سُر هذهِ الأبتسامه ولكني بنَفسْ الوقت لا أريدُ التطفل عليها, فنَظرتْ الي ثمَ اتسعتْ ابتسامَتها فاذا بها تقول:

"أحبَبتهُ فجَعلنَي أُحبُ كلَ المُسلمينَ في هذا العَالَمِ لأجْلة".

فاذا بِها تَطْرقُ بِيَدِها على الكُرسي أي اجْلسي بجَانِبي فَرِحْتُ لأني شَعرتُ بأنْها تُرِيدُ أنْ تُخْبرني بِشئ.

هيا بنا ندخل الى حديقةِ حُبها:

أستَمعتُ الى قِصْتُها دونَ أنْ أقُاطِعُها بِالكَلامْ أو السُؤالْ.

أنْا فَتاةٌ مِنْ عَائِلةٍ المَانِيةٍ مُحافظةٍ وَحيدةٌ لوَالدي قَبلَ 55 عاماً كُنْا نَسْكنُ بِالقُربِ مِنْ هذهِ الحَديِقة وحِينَ عودتي منْ المدرسةِ الى البيت والأنتهاءُ مِنَ الواجباتِ المدرسيةِ وفي المساءْ كنُت آتِ الى هذة الحديقة كُلْ يومٍ وأجلس على هذا الكرسي وأقراءُ كتاباً وذاتَ يومٍ رَأيتُ شاباً قريباً منْ عُمري يَجْلسُ على الكُرسيِ المُقَابلِ فَاذِا نَظرَ الي وضَعتُ عَيني في الأرض خَجَلاً واذا نَظْرتُ اليةِ نَظرَ في الأرضْ خَجلاً دُمنا على هَذهِ الحَالة لِمدةِ شهرٍ نَرى بَعْضنا عَنْ بُعدٍ بِدونِ كَلامْ. وذَاتَ يومٍ شئياً ما حَصلَ فيِ الَبيتْ مما جَعلنَيِ أتَاخرُ 3 سَاعاتْ عنْ موعد ذِهابي الى الحَديقةِ كما كُنْتُ مُعتادة وما أنْ وصَلتُ الى الحديقةِ ونَظَرتُ الى الكرسيِ المُعْتَاد أنْ يَجْلسَ عَليهِ فلمْ أراهُ فَحزْنتُ فيِ دَاخلْ نَفسيِ لأني لمْ آراهُ ولكَنْ لَفتَ نَظريِ شئ على الكرسيِ المُعتاد أنْ أجلسْ عليةِ وردة مَلفوفة بورقة فَتحْتهُا وقدْ كُتبَ بِداخلِها أنا الشَابْ الذَي أجْلسُ على تِلكَ الكُرسيِ فَلمْ ارآكِ اليومْ عسى الَمانِعُ خَيراً, طرتُ مِنْ الفرح لأني قدْعَرفتُ أنه يَكنُ لي المشاعر فَعدتُ الى البيتِ وأنا كُلي بهجةٍ وسروُر وكنُت أنتظْر اليوم التالي بِفارغِ الصْبر ولما حانَ مَوعد ذهابي الى الحديقة ولأول مرة يُكلمني ليطمئنَ علي فعرفَ على نفسة قائلاً: انا اسمي ... ومن بَلدْ عَربي ... ودِيانْتي... الأسْلام ,وقَدمتُ الى المانيا للدِراسة أدرس حالياً اللغة لمدة 6 شُهور وَبعدها ابدأ التخَصْص في الهَندسة. وهوَ يَكْبرني بسنةٍ واحدة ثُمَ كَبرَ بيننا الحب وأنْهيتُ الثانوية العامة وحُباً فية التَحًقتُ بِنفس الجامعة وبنفس التخَصُص ومرت الأيامْ والسِنيين وتَخرجْنا فأشتغَلَ في شَرِكة المانية أما انا فكُنتُ الوريثة الوحيده لوالدي اللَذانْ يَملُكان مصانع فاستَلمتُ شركة وَالدي ولما أصبح عِندَ مَحبوبي المال تقدم لِخطبتي ومن الطبيعي أنْ يَرفُض أبي لانة خاف ان يذهب بي الى بلدتهِ ولكن حبا لي قَطع على نَفسةِ عهداً أمامَ والدي أن يَبقىَ في المانيا وأنْ يذهب لزيارة أهلهِ متى شاء. فتَزوجْنا وعِشنا أجْملُ أيامِ عُمرِنا وكُنت أُمارسُ طُقوسْ الأسْلام معه بخِفية عنْ أهلي حتى لا يكتشفوا الأمر لأنْي نشأتُ في عائلة مُتدينة للنْصرانية . وبَعدَ مُرور خَمس سنواتٍ على زواجنا بدأ قلق والدتي لأِنجابْ الأَطفال تريد أنْ ترى أحفَادها أما انا ومعشوقي لم نُبالَي في الأمْر أذ أنْجَبنا أُمْ لا المهم خَضعنا لِرغبَتي والدتي وذَهَبنا الى الطبيبْ وأكد لنَا الطَبيبْ ليس العَيبُ في أي أحدٍ مِنا ولكنْ فصيلة دمنا لا تتناسبْ لِبعضِنا فقال: حتى تُنجبا يجب كلاً منكما أن يتَزوج منْ رجلٍ وأمرأة أُخرى فصَرختُ وقلتُ لا أريدُ أطفالاً مقابل أنْ أبقى مع حبيبي وزوجي و كذلك هو . فأخْبرت والدتي بذلكَ فلم تَعد تناقشنا في الموضوع بعد ذلك .

ومرت سَنواتٍ عَلى زوُاجنَا وخِلالْ تِلك السَنواتْ تُوفيِتْ والدتِي فَحزنْتُ حُزنًا شَديِداً وبعدها بِأشهُر تُوفَي والدُ زَوجي فَسافرَ لِحضور جَنازتهِ ثُمَ عَاد الي وبعدَ مرورِسنتين تُوفي والديِ ووالدَتة تجَاوزنا فترة الآلآم والآحزان بِصعُوبة ثُم عَادتْ حَياتُنَا الى طَبيعَتُها نوعاً ما.

عِشْنا حياةِ حُبٍ وأمانْ, ولم أذكُر خلالَ تلكَ السنواتِ التي عُشتُها مَعه أنه أغَضبني يومً مِن الايامِ وأنا كذَلكْ ولما بَلغَ 55 عاماً من عمرةِ دخَلَ الشَبحُ الأسودِ حَياتُنا قَدْ أُصيبِ زوجي وَحَبيبَ عُمري "بالسرطان" ولله الحمد كُنا نَملاكُ أملاكً كَثيرة ً, فَصَرفتُ الَكثيرَ مِنْ المَال على عِلاجهِ فكلُ هذا لا يَهُمني الُمهم أنَ يُشْفى حَبيبِي. وقد علمَ بِالامرِ اِخوانهِ وأقَاربِة فَأصروا أن يُعيدوهُ الى بَلده فَرفضْنا نَحنُ الاثنْين لأنْه بدأ بِالعلاج هنا, وسَيكُونُ مِنَ الصعبِ أن يستمر في العلاجِ في تِلكَ البلدة الفَقيرة التي ليس مُتوفر فيها العِلاج. مرتْ خَمْسةُ سنواتٍ وَهوَ تحت اِشرافِ العِلاج ثُم اِستودَعهُ الله, فأصَابني مِن الُحزنِ ما الله بة عليم ,فطالبَ أهلة بِنقل جُثمانة الى بلدهم فرفَضْتُ وقلت انه حبيبي وعَشيِقي فيِ الدُنيا وحتىَ بَعدَ المَماتْ, ورفضتُ أنْ أُدفنُه في المقبرة العامة , فقررتُ أن أدفنهُ في حديقةِ بيتي حتى أعتنيِ بِقبرة. وفي كل صباحٍ أَقطفُ الورود التي كان يَحبُها فأضعها على قبرة وارشُ القَبرَ بالماء, وأتحدث معه صباحاً ومساءاً مما يُخففُ عني عذابَ فِراقةِ, وقد كتبتُ في الوصَية بَعدَ ممَاتي أَنَ بيتي هَذا الا يُباع ولا يُأجر ولا يكونَ ملكاً للحكومة ولايُهدم ولا يُقامُ علية اي مشروع, وبعد مَوتي أُدفنُ بجانبِ زَوجي وَحبيبي وأن يُستأجرَ شخصاً ويدفعُ لةُ مَن أملاكي الخاصة للقيام على الاهتَمام بِالبيت وان يضع الورود المَقطوفة من هذةِ الحديقةِ على قبري وقبر زَوجي أسُبوعياُ ويرشَ القبَر بالماءِ.

بعد أن أنتهت مِن سرد حِكايتُها وقد عَلمتْ مِني بأنني كاتبة فطَلبتْ مني أن لا أذكر أسمُها ولا اِسمِ زوجها ولا اسم بلدتهِ ولا انشر اي صورةٍ لها( فأحترمت طلبِها)  وكل هذا خَوفاً من يعلَمَ أهلُ زوجِها عن مكانِها فيحضروا الى المانيا ويطالبوا بأخذ جثمَانةِ . وأي أعظمُ حُبٍ وأخلاصٍ في الحياةِ وبعدِ الممات.

وتمضي الأيام .. ويعرف الكرسي الكثير الكثير .. يعرف أن الحياة قاسية جداً على البعض .. أن الحياة في الخارج ليست كما هي حوله مجرد أصوات عصافير ونسمات تحمل روائح شذية .. لقد عرف هذا الكرسي العجوز أسرار الحياة كلها وهو جالسٌ في مكانه .. والزمن يجري. فأحترتُ في وضع عنوانٍ لمشاعِرها لانه قصتها تملك جميع المشاعر .

ملاحظه: هذة واحدة من ضمن القصص الواقعية التي مرت علي حينما زُرتُ المانيا قبل سنوات وسأوفيكم بقصصٍ أخرى في المستقبل أن شاء الله.

أستلطفوا بعضكم وأنتم أحياء فإن الشوق بعد الممات لا يُطاق ، إمحُ الخطأ لـتستمرَ المحبة ولا تمحُ المحبة من أجل الخطأ .

لا تدع أحدًا يسرق منك الفرحة ، فإن عمرك مُلك لك وحدك وليس بيد أحد سوى خالقك ، فمارس طقوس الفرح ، وعش بهجة الحياة ودعك من أقاويل الناس.

سبحانك ربي, اللهم يا مغير الاحوال غير حالنا الى احسن حال و سخر لنا من حظوظ الدنيا ما تعلم انه خير لنا و اصرف عنا كل ما فيه شر وحسرة وندامة ونستغفرك ونتوب اليك.


  • 5

  • فدوى
    دكتورة في قسم التوحد والعلاج النفسي وتخصص ثاني في قسم الجنايات مقالاتي حقيقة من خلال رحلتي حول العالم
   نشر في 01 يونيو 2016 .

التعليقات

مريم منذ 5 سنة
يا الله..رحمتك يارب بقلوب أضناها الشوق لأحبة تحت الثرى.أبكيتينى والله ...ولولا أنكِ كتبتِ انها قصة حقيقية لأعتقدت أنها محض خيال. ما اجمل قلبيهما...ما أجمل الحب الذى حملاه لبعضهما...ماذا اقول؟؟ لن تكفى الكلمات.
1
Meriem Bouziani منذ 8 سنة
جميلة جدا يا استاذتي
احببت اخلاص السيدة لزوجها واحترمها له حتى بعد وفاته رحمه الله
واحببت ايضا اخلاصهما لبعضها ووفائهما الاول
واثرت في كثيرا كلماتك الختامية نعم حياتنا قصيرة يجب ان نتصالح مع الجميع ونحبهم ونتجاوز اخطاء بعضنا البعض لتكون الحياة اجمل اسعد وافضل لنا جميعا
شكرا لك وقلمك استاذة
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا