تدور بي الدنيا و تتحرك حولي الأيام ، يأتي أناس و يذهب آخرون و أنا ثابتة في موضعي ، تغيرت بعض طباعي وفقًا لمواقف مررت بها ، و لكن لم تتغير المعالم الأساسية لشخصيتي ، مثل خريطة العالم مهما أعادوا تقسيم الحدود و توزيعها بين الدول تبقى معالم الكون ثابتة ، راسخة ، لا تتغير ! ربما هي البذرة التي زرعت بداخلي منذ صغري ، أو الفطرة التي فطرت عليها هي من تمنعني من التغيير ..
رغم ذلك ، أشعر بالحيرة كثيرًا ، أشعر بالتيه أكثر ، أعرف أهدافي و أعرف ماذا أريد من هذه الحياة و لكن هناك بداخلي صراع قائم ، و حرب مشتعلة لا تخمد و لا تنفك أن تشتعل من حين إلى آخر ، حرب لا أدري من هم أطرافها أو ما أسبابها ..
في كثير من الأحيان ، وددت لو أنني لم أكبر ، لو أن العمر توقف بي عند مرحلة الطفولة ، عندما كنت صغيرة في كنف و رعاية والدي ، كان كل ما يشغل فكري و ما ألقي له بالًا وقتُها هو لعبة جديدة ، لعبة انكسرت ، مكان أود الذهاب إليه ، أحلام طفولية وردية لا تضيف للواقع و لا تنقص منه شئ ..
و لكن كبرت ، كبرت و أدركت أن الأحلام لم تكن لتحقق في نفس صورتها الجميلة التي تخيلناها ، ربما لحكمة يعلمها الله ، ربما لشر منعه الله ، أو ربما لخيرًا يعوضنا به الله ، و لكن يبقى السؤال المبهم إجابته ، ما الحكمة من أحلامنا ، طالما أننا لسنا بقادرين على تحقيقها جميعها ؟ لست أعترض على قضاء الله - حاشا لله - أن يذهب عقلي لمنطقة محظورة مثل هذه في التفكير ، و لكني فقط أتساءل دائمًا عن سر تعلقنا الشديد بأحلامنا و كثرة ما تهفو روحنا إليها ، ثم تذبل أحلامنا ، ثم يولد بداخلنا حلم آخر ، أمل جديد ، و هكذا تدور الدنيا و تتعاقب الأشياء و تستمر الحلقة المغلقة ، كل نقطة تمسك بالأخرى ، و كل جزء يسلم الآخر إلى أن يحين قضاء الله و قدره ..
حتى الآن لم اهتدي إلى القرارات الصائبة ، و لكني أقسمت على أن أؤثر الجوهر على المظهر و إن كان علي أن أتشبه بأحد فلتكن هي نفسي ، ربما إن عرفت حقيقة ذاتي ربما استطعت معرفة كيفية الوصول لأحلامي ، تراني هل يومًا أصل ؟
-
أميرة مصطفى"ليس لي عمل أقابل به الله غير أني أحبه"
التعليقات
رائع هذه الثقة حينما تقارن برسوخ الخريطة الجغرافية..بل الأروع فطرته النقية الثابتة
راق لي اسلوبك وقدرتك على التعبير بسلاسة ، في انتظار كتاباتك القادمة .. موفقه .