أسطورة التوحد و التطعيمات - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أسطورة التوحد و التطعيمات

في ظل انتشار الحركات المناهضة للتطعيم, ما علاقة التوحد بالتطعيم؟

  نشر في 06 يوليوز 2019 .


                                       "إنهم أطفال صغار, ليسوا أحصنة!"

جاءت هذه في تغريدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إبان حملته الانتخابية منتقداً الجرعات الكثيرة للتطعيم.

      أعلن مركز السيطرة على الأمراض و الوقاية منها في الولايات المتحدة في يونيو من 2019م عن وقوع أكبر تفشي لمرض الحصبة منذ 25 سنة. بمجرد أن ترشح دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة حدث استقطاب حاد لأول مرة بين الأمريكيين. و امتد ذلك حتى شمل التطعيم, لا استطيع أن أقول أن المجموعات المناهضة للتطعيم ازدهرت لكن ما حدث من تفشي لمرض الحصبة قد يكون مؤشراً على ذلك. ليست هذه الجماعات جديدة على الساحة, فقد نشأت منذ نشوء فكرة التطعيمات و أصبح هنالك مناهضين لها, على الرغم من اختلاف أسبابهم إلا أنهم اتفقوا على مناهضة هذه التطعيمات. بعضهم بسبب دوافع دينية خصوصاً أن بعض التطعيمات قد زرعت و استخلصت من خنازير, لذلك تجد هذا منتشر بين المجموعات اليهودية في الولايات, لكن ليس هذا فحسب بل هنالك أساطير ارتبطت بالتطعيم و لعل أشهرها هو أنها من المسببات لمرض التوحد. حتى أن هذه الأسطورة منتشرة بين بعض الأطباء, و لو لا أنه من المسؤولية التي من الممكن أن يقاضوا بسببها لرأيتهم يفتون و يطالبون بعدم التطعيم, و خصوصاً التطعيم الثلاثي ضد مرض الحصبة و النكاف و الحصبة الألمانية, أو ما يختصر بـMMR.

ما هو مرض التوحد

     الإجابة على هذا السؤال ليست بالسهلة, فهو يقع ضمن مجموعة الأمراض التي يتم تشخيصها سريراً و ليس مختبرياً أي ليس هناك فحص يحدد إذا ما كان طفلك مصاب بالمرض أم لا. كما أن هنالك معايير لتشخيص المرض لدى الذكور تختلف عن الإناث, على الرغم من أن الإناث كانوا يشخصوا بمعايير الذكور حتى وقت قريب, باختصار إنه من الأمراض التي تقع ضمن نطاق التوصيف النسبي, أي أن بعض الأطباء يصفون هذا كعرض مرضي و أخرون لا يرونه, فلو اعتبرنا أن اللون الأبيض يمثل العافية و الأسود يمثل درجات المرض الشديدة, لوجدناهم يتفقون في من يقع ضمن هذا الإطارين, أي يتفقون في تشخيص الحالات الواضحة, أما الحالات المتدرجة بين الأبيض و الأسود-الرمادية- فهنا يقع الخلاف.

      فالمصابين بالتوحد لديهم صعوبات في التواصل مع حولهم, قد لا يملكون تواصل بصرياً مع أبائهم, و قد لا يشعرون بالقلق عند انفصالهم عنهم, قد لا يتحدثون حتى سن متأخر أو ان حديثهم و تصرفاتهم غريبة, كما أنه من الصعب عليهم تكوين صداقات أو علاقات اجتماعية.

ما علاقة التوحد بالتطعيمات

      في شهر فبراير من سنة1998م نشر طبيب بريطاني يدعى اندرو وايكفيلد دراسة في مجلة لانسيت-و هي مجلة طبية عريقة- لأثنى عشر طفلاً ادعوا أنهم أصيبوا بالتوحد بعد التطعيم الثلاثي ضد الحصبة و النكاف و الحصبة الألمانية أو ما يسمى MMR.

      وفي سنة 2010م سحبت هذه الدراسة من المجلة و سحب المجلس الطبي العام البريطاني رخصته لمزاولة الطب بعد أن اكتشفوا أنه زور في البحث من أجل منافع شخصية, فكما يبدو أنه قد تقدم بطلب تسجيل براءة اختراع لمولد مضاد-انتيجين- للتطعيم ضد الحصبة قبل نشره هذه الدراسة بسنة. و على الرغم من ذلك إلا أن أصداء البحث استمرت 12 سنة كما أنها ما زالت إلى الآن على الرغم من أن الدراسة قد سحبت مع رخصته, ليس هذا فقط بل إن الرجل ما زال يلقي محاضرات حول هذا الموضوع.

ما هي المشكلة الكبرى

      عند التطعيم ضد مرض الحصبة مثلاً فإن الطفل لا يحمل حماية كاملة و إنما لديه احتمال إصابة بالحصبة على الرغم من أنها ضعيفة, فنسبة الحماية بعد جرعتين تقارب 97%, أي أن احتمالية الإصابة 3%. معنى هذا أنه حتى لو كان طفلك قد تطعم فإنه في حالة اختلط بأطفال لم يتطعموا من الممكن أن ينتقل إليه المرض, أي عدم تطعيمك لطفلك من شأنه أن يصيب الآخرين بالضرر.

      إذاً كيف نصل إلى حماية تقارب 100%؟ ذلك عن طريق مناعة القطيع. ببساطة كلما كان هنالك كثر الأطفال الذين أخذوا التطعيم و كونوا مناعة فإنه يصبح من الصعب انتقال المرض بينهم,و ذلك عن طريق إعاقة سلسلة انتقال العدوى, و هذا يؤدي إلى حماية الأطفال الذين لم يتطعموا حتى, لأنه من الصعب نقل العدوى. أي أنه باعتماد مجموع احتمالية الحماية للقطيع على حساب مجموع احتمالية الإصابة.

ما علاقة التوحد بالتطعيمات

      في تسعينيات القرن الماضي شهد ارتفاعاً بالإصابة بمرض التوحد, كما أدخل اللقاح MMR إلى بريطانيا في تاريخ 1988م. إلا أنه إلى الآن من غير المعروف إذا كان ارتفاع أعداد مرضى التوحد حقيقياً أم لا. فالمعايير التي يشخص بها مريض التوحد قد تغيرت, فمن كان قبل التسعينيات لا يصنف على أنه مريض أصبح كذلك بعد ذلك التاريخ, بينما كان قبل ذلك التاريخ يصنف المصاب بالمرض فقط إذا كانت الإصابة شديدة و يصعب أن تخطئ في تشخيصها, أي لا يكون المريض في المناطق الرمادية أو الغير واضحة. لذلك لا نعرف إذا كان بالفعل هنالك زيادة حقيقية أم لا, أي هل العلاقة بين التوحد و التطعيم علاقة ارتباط, أي انهما حدثا في نفس الوقت أم علاقة سببية. كل الدراسات خلصت إلى أنه ليست هنالك علاقة سببية بين التوحد و التطعيم الثلاثي.

      و حتى لو لم يكن أحد من الأباء مقتنع بهذه الدراسات, فإن التحليل المنطقي يفرض عليه أن يقيس بين الإيجابيات و السلبيات فالامتناع عن التطعيم خوفاً من التوحد قد يعرض الطفل إلى خطر فقدانه لحياته, فالحصبة مثلاً من أسرع الأمراض في الانتقال كما أن لها مضاعفات قد تودي بحياة المريض أو تضعه في عاهة مستديمة, هذا في مقابل أخذ التطعيم لحماية حياة الطفل مع احتمالية إصابته بمرض لم تثبته الدراسات العديدة.



   نشر في 06 يوليوز 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا