السجن..... كلمه سمعتها من قبل مثل اي شخص و لكن لم اتخيل في يوم من الأيام أن أذهب إليه، اسوار ووقضبان مخيفه و روائح قذره جعلت من الحريه تهرب فهذا المكان لا يمكن أن يكون فيه حريه فالحريه لا تنشأ في منبت الذل ، أنه يشبه القبر فكلاهما تعلم وجوده و لا تود الذهاب إليه ، سمعت في مره أنه يوجد في القبر ثعابين تنهش المذنب و تعذبه و هنا ايضا يوجد ثعابين .. تعابين في صوره بشر تنهش الضعيف ،لقد تعرضت للضرب و الاهانه و السرقه و في كل مره لم اقدر علي الدفاع عن نفسي و ما كان علي سوي ان انتظر ولكن من أين يأتي الصبر فلم يمر سوي ثلاثه اشهر علي سجني ولكن علي أي حال سأنتظر ،خارج السجن كل يوم يمر يقربك الي الموت و لكن داخل جدران السجن فكل يوم يمر يقربك الي الحياه و هذا ما يجعلنا ننتظر مرور اليوم و الشي الذي تنتظر مروره لا يمر ربما هذا ما يجعل الايام تسير ببطئ.
وبينما أنا أسبح في ظلمات الايام قابلته وجدت ظلاله من بعيد طويل القامة عريض المنكبين كبير بالسن و لكن يبدو عليه قوه لا توجد بالشباب ، لا تنظر إليه إلا و تجده غاضبا ، أصابني رعب شديد حينما رأيته كان سريره اعلي سريري ياللحظ .
كانت المساجين تنظر إليه و تتسائل "ما هي جريمة هذا المسجون الجديد ؟".
أعلم أنهم لن يتركوه بحاله فهذه قوانين المسجونين فالقوي منهم لا يسمح بوجود منافس أو بديل ، لم تمر سوى أيام حتي احتدم الشجار و كنت انا الفتيل ، أحدهم كالعاده قام بسبي و ضربي دون إبداء أسباب ركلني لينام علي سريري لم ارتكب خطأ و لكنه كان يريد توجيه رساله للغول الموجود علي السرير الذي فوقي ولكنه لم يحرك ساكنا فضربني ثانيا و سبني و سب الجميع و كأنه يقول انا هنا المسيطر و بدأ يسب الآباء و الأمهات و حينما نال السباب من الشرف شعرت برعشه جاءت من فوقي نزل المسجون الجديد من فوق سريره و قام بضربه لقد قتله ضربا ثم امسك بيدي و نهض بي من علي الارض.
لن انس تلك الليله فهي طوق النجاه بالنسبه لي كانت اخر ليالي الذل و الاهانه من بعدها لم يتجرأ أحد علي النظر إلي نظره لا تعجبني و أصبح الغول صديقي .
سألته لماذا قتلت زوجتك؟
-لانها خائنه؟
-وكيف عرفت انها خائنة؟
-ليس معي دليل و لكني أحسست
-سمعت انها أصغر منك بكثير ربما هذا جعلك تشك بها كثيرا و تظلمها
-يبدو أن الكل هنا يعرف قصتي ولكن علي أي حال انا لم أظلمها فكل شئ كان يدل انها خائنه فقط كان ينقصني الدليل . دعك مني وانت ماذا جاء بك الي هنا
- انا طبيب و بسبب خطأ طبي غير متعمد تم سجني خمس سنوات .
مرت الايام ولكن بشكل أسرع فهناك صديق كسر بطيبته و شهامته جدران السجن و احدث طاقه من النور، لم اكن اتخيل أنه بهذه الطيبه و البراءه فشكله لم يكن يوحي بذلك ابدا، اصبحت ألعن زوجته الخائنه و ألعن الخائن اللذان دمرا حياته بعد أن كان مهندسا ناجحا بأحد الشركات الكبري .
كثيرا ما كنت اقول له "أنت صديقي الوحيد الكل تركني و تخل عني ، أصدقائي خارج السجن مزيفون اكثرهم وفاءا لم يزورني غير مرتين من بعد سجني و زوجتي طلبت الطلاق بعد سجني بشهرين ، لم اكن اتخيل أن أجد شخصا داخل السجن انقي و أطهر من كل اللذين عرفتهم خارج السجن .
صديقي تمر بك الايام سريعا ، اصبحت اعرف عنك كل شي و انت ايضا و لكن الغريب أن فضولك لم يدفعك مره أن تقرأ مذكراتي التي اكتبها الان لا أعلم لماذا .. لماذا لم تحاول قرائتها و انت تملك نصيب الأسد فيها اكتب عنك أكثر مما أكتب عن نفسي وصفتك فيها بانك طوق النجاة و ها أنا أكتب أخر فصل من مذكراتي التي بدأت فيها من خمس سنوات و غدا أخر يوم و أغادر جدران السجن .
سأكتب في السطور القليله القادمه ما لم استطع كتابته من سنوات سأكتب تلك السطور ثم أطوي الورق و انام و غدا أرحل و لن اراك أبدا لن أزورك بعدها و لو مره ليس قلة وفاء مني و لكن لعلي أنسي و أدعو من الله أن أنسي .... صديقي الغول .. أنا الخائن .
-
Mohamed Mokbelالكلمة تغير العالم و تصنع المعجزات