مع إقتراب موسم الحج , قمت بمطالعة بعض الصور لمشاعر الحج المقدسة و خاصة المسجد الحرام بمكة المكرمة , و قد أثار إنتباهي ما رأيت , ففي الصور القديمة لمكة المكرمة كانت المدينة المقدسة تمتاز بالهدوء و الروحانية و كان المسجد الحرام هو أول ما يلفت إنتباهك في الصورة و هو ما يبعث في النفس الطمأنينة و السكينة . أما الصور الحديثة ففيها يتطاول البنيان حول المسجد الحرام لدرجة أن المسجد لا يظهر من بعض الزوايا لأن المباني العالية تحجب الرؤية , كما أن تباين إرتفاعات المباني المحيطة و إختلاف طراز بنيانها يعطي شكلا مشوها للصورة .
كان المسجد الحرام قديما هو محط الأنظار في المدينة المقدسة لا يضاهيه أي شيء آخر , أما إذا نظرنا للمدينة الآن سنجد العديد من المباني الأخرى التي تخطف الإنتباه من المسجد الحرام مثل فندق مكة الملكي الذي يضم مراكز تسوّق و مطاعم فاخرة للأثرياء , و برج الساعة الذي يرتفع 1972 قدما فوق الأرض و الذي بنته المملكة حتى يكون من أعلى المباني في العالم .
كما أعلنت المملكة عن نيتها إنشاء مجموعة ( أبراج كدي ) على بعد ميل واحد من المسجد الحرام , و الذي يوجد به أربعة من مهابط طائرات الهليكوبتر تتكتل حول واحدة من أكبر القباب في العالم ، الذي سيرتفع 45 طابقًا في السماء , و يحتوي على 10000 غرفة نوم و 70 مطعما على مساحة 1.4 مليون متر مربع , و تكلفته المتوقعة 3.5 مليار دولار , و هو مشروع سياحي بالدرجة الأولى فهو مخصص للأثرياء .
لا شك أن من حق المملكة أن تبني مشاريع سياحية تدر عليها المليارات من الدولاارت , لكن لماذا حول الحرم ؟!
لماذا يتم محاصرة المسجد الحرام بكل هذه البنايات الضخمة التي تحجب الرؤية عن المسجد كما أنها تحوّل المدينة المقدسة إلى مانهاتن ( ذلك الحي السياحي الفخم في مدينة نيويورك الأمريكية ) ؟!
إن الصحراء السعودية واسعة , و الساحل السعودي على البحر الأحمر ممتد , و بإمكان المملكة بناء عشرات المنتجعات السياحية على طول هذا الساحل , و الإبتعاد عن المدينة المقدسة حتى تحتفظ بروحانيتها و قدسيتها .
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.