أعتاب البركات : الجزء الخامس
" ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم "
نشر في 25 ماي 2017 .
5-انقطاع العبادة بعد رمضان
من الأمور المؤسفة والمحزنة للقلوب انقطاع الأعمال الصالحة والعبادة الخالصة التى كان يقوم بها الصائم فى رمضان بعد انتهاء الشهر مباشرة , وكأن العبادة ارتبطت فقط بهذا الشهر وانحصرت فيه لا تتعداه لغيره .
فبمجرد أن ينتهى هذا الشهر الكريم , تذهب المصاحف الى كهوفها و تندثر , وتضيع صلاة القيام , وينسى الذكر والدعاء , وتهمل صلة الأرحام , ويخيم على النفس الاحساس بالفتور , والتراجع عن كثير من العبادات التى كان عليها فى رمضان , وتتبدل الأحوال , ويرجع كل انسان لما كان عليه .
وهذا مؤشر على عدم قبول الصيام والأعمال الصالحة , ولا حول ولا قوة الا بالله .
لأنه من علامات قبول الطاعات حبها و الاشتياق اليها , والمداومة عليها ..فان الله اذا تقبل عمل عبد , أدامه عليه , ووفقه لعمل صالح بعده حتى يكون حاله بعد رمضان , أفضل مما كان عليه قبله .
ولذلك كان صيام الست أيام من شوال أحد علامات قبول صيام رمضان , فالله موجود فى رمضان و غير رمضان , والعبادة والخضوع والخشوع , والرضوخ لله ليست محصورة فى شهر رمضان , فكما تتقرب الى الله فى رمضان , تقرب اليه بعده و قبله , واجعل أيامك كلها رمضان .
فالنفس حتى تستقيم وتنصلح لابد لها من أمرين , غذاء البدن , وغذاء الروح , فغذاء البدن يكون بالطعام و الشراب وسائر المتع التى يتطلبها البدن , أما غذاء الروح فبعبادة الله , والتقرب اليه بذكره وتلاوة كتابه , وأداء فرائضة , والاجتهاد فى نوافله .
6-عدم الاهتمام بالصدقات :
" وما تنفقوا من شئ يوف اليكم وانتم لا تظلمون "
أيضا و من العادات المخالفة المنافية لمبادئ شهر الكرم والجود , عدم الاهتمام بالصدقات و العطايا ..
والنظر فقط الى بيوتنا واحتياجاتنا الشخصية , والاهتمام بطعامنا و شرابنا دون النظر الى من لا يجد قوت يومه , وهو صائم ...وقد يكون هذا الصائم أحد الأقارب أو الجيران الذين نعرفهم ولكن لا نلتفت اليهم , ولا نتذكرهم رغم قدرتنا على مساعدتهم ...فكان النبى " صلى الله عليه و سلم " أجود ما يكون فى شهر رمضان , ولذلك اعتاد الناس أن يقولوا
( رمضان كريم ) لأن المسلم فى رمضان يتخلق بأخلاق رمضان , فيكون كريما, منفقا , نفاعا للناس قدر استطاعته
( ولو بشق تمرة ) .
والصدقة فى رمضان لها منزلة رفيعة عند الله وأجر عظيم حيث قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : ( أفضل صدقة صدقة رمضان ) ...وكان ( عبد الله بن عمر ) – رضى الله عنهما- لا يفطر الا مع المساكين وقد جاءة مرة سائل يسأله طعاما , وهو على افطاره , فأخذ افطاره و أعطاه اليه , فواصل جائعا الى الليلة الثانية , وهذا لما يعلمه من جزاء افطار الصائم , فقد قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : ( من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا ) .
فمن أسباب مشروعية الصيام الاحساس بالفقراء و المحتاجين ,و الاحسان اليهم , ومد يد العون لهم .
ألا ترى أنه من أشد الشدائد و أصعبها على النفس أن يصوم الانسان ولا يجد ما يفطر عليه ؟!
وتذكر أخى المسلم قول رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ..قالوا : من يا رسول الله ؟ قال : من بات شبعان و جاره الى جواره جائع و هو يعلم به ) فما بالك ان كان هذا الجار صائما ؟!
ولما كان الاحتياج فى الصيام أشد و أقوى كان أجر الصدقة عند الله فى رمضان أكبر وأعلى .
كما أن لها أجمل و أروع الأثر على النفس , فبعطائك هذا قد تغير حال أسرة فقيرة , بائسة من الأسى والحزن الى السرور والابتهاج عندما تقدم لهم ما يفطرون عليه , وتذكر قول الرسول " صلى الله عليه وسلم " : ( خير الأعمال الى الله أن تدخل السرور على قلب مسلم )
وقوله : ( أطعموا الطعام , وصلوا الأرحام , وصلوا والناس نيام , تدخلوا الجنة بسلام ) .
------------------------------------------------------------------------------------------------------