يعجز القلم عن كتابة تقديم لهذا الرجل ،إيمانا منه بشموخ الرجل و ندرة الكلم الموفي لحق هذا الهرم الفكري ،فهو عالم الاجتماع و الدراسات المستقبلية رحمة الله عليه،خبر دهاليز العلاقات الدولية وأحاط بها إحاطة شاملة جعلته مرجعا دوليا وأهلته لحيازة ارقى الجوائز الدولية .
وبيت القصيد مما يلي ليس ذكرا لمناقب الرجل وعلو كعبه الذي يحتاج وحده لكتاب مفصل،إنما الحديث عن القيمة الفكرية لما انتجه الرجل ،ويكفي قولا ان السيد المهدي المنجرة قد م جردا علميا مبني بناء ا كاملا تنبأ فيه بالوضع الراهن لبلداننا بداية بالربيع العربي مرورا لتبعاته ،و الغريب في نظري التضييق المتعمد على فكر الرجل والرقابة التي شملت فكر الرجل،انه الفكر الذي لاطالما وضع القيم و المعرفة محورللتقدم لامحيد عنهما ،بعيدا عن إملاء ات النخبة و السياسات الخارجية المتهالكة المكرسة للهيمنة الثقافية و الاقتصادية من خلال توصيات البنك الدولي،ان فكر الرجل يحمل دعوة للتقدم مبنية بشكل يكرس لقيمة المعرفة كعجلة للتقدم تقودها القيم و القراءة المتجددة لمتلازمات الحياة.
تحمل مؤلفات الرجل و محاضراته حمولة فكرية يستعصي على المرء شرحها وتفصيلها لما فيها من غنى يثري ضمأ المتعطش لفكر يقارع العقل بالحجة و البرهان و يوضح سبل جعل الواقع اكثر اشراقا وازدهارا بعيدا عن فكر الندب والتحسر على ما مضى و تضييع ما هو آت بعده ، انه الفكر الذي يقدم خارطة الطريق نحو النماء بعيون المعرفة و حصن القيم ،انه تسييد لمملكة العقل اولا وقبل كل شيء ودعوة متجددة للتغيير ونبذ الخذلان والصور المكرسة للتبعية في جميع اوجهها ،ان فكر الرجل اولى ان يدرس في مناهج الدراسات بجميع مراحلها و ان توضع تصورات الرجل قيد التنفيذ و العمل.
لكن هيهات هيهات ،فاول من يدعو للتغيير ويتبنى الاصلاح هو انظمتنا وهي كذلك اول المتقاعسين خاصة كل الخاصة حين لايكون التغيير المتبنى ذو فائدة لدى النخبة التي تسود ،ولعل هذا ما شكل مكمن الخطر في النظر لفكر المهدي المنجرة لانه فكر تجديدي ومغير بصيغة الاجماع ،ينبذ التمييز ويقدم المصلحة العامة ولنا مثال في اليابان التي تبنت جانبا من دراسات هذه الايقونة و تخصيصه بجائزة وسام الشمس المشرقة ارقى وسام قد يناله المرء باليابان ،لقد اضعنا رجلا كان لينقلنا فكره لمصاف الدول الكبرى لو تم تبني توصياته والنتائج التي تحملها مؤلفاته ،قد يكون المهدي المنجرة اليوم دفين التراب لكن فكره حي وسيبقى كذلك !