
مرت سنون العمر سريعا و انتبهت فوجتني قد تجاوزت الأربعين وما أدراك ما الأربعون ! قلب مشجون و جسد موهون. عمر قد فات و خوف من أت. كثيرا ما فكرت لماذا إختص الله سبحانه و تعالى هذا العمر و ذكره في القرأن و خصه بالحمد و الدعاء. و لم أفهم إلا عندما بلغت الأربعين.
بعد الأربعين حسب علوم الطب و الأحياء يبدأ الجسم بالإنهيار. فقد بلغ منتهاه وقمة قوته وذروة شبابه. فما بعد الكمال إلا النقصان. يبدأ الرجل ليفقد قوته وتتناقص فحولته و تخبو رغبته. يغزو البياض شعره و بالهموم يضيق صدره. يرى تجاعيد بوجهه كما لم يرى من قبل . ولا ينام ساعات كافيه و اذا نام تأرق وإذا قام لم يشعر إنه نام. تختفى عضلاته و يحل محلها شحم و ترهلات.
بعد الأربعين أحسست بالخسارة و بطعم المرارة. فقد مر الشباب و لم أستغله جيدا و لكني حمدت الله على نعمة الستر و الصحة و العيال فدوام الحال من المحال. و يكفي نعمة معرفة الله الحقة . وما رزقني من الدنيا في كل حياتي على غير استحقاق مني.
بعد الأربعين تفكرت كثيرا فيما بعد الحياة. إنه السن الذي يحرك قلبك و ينير عقلك بعد تحررك من استمساكك بشهوات الحياة والتكاثر منها.
لكنه كذلك الوقت الذي يحاول أن يتلاعب فيه الشيطان بعقلك ، ففرصه في الفوز تتضاءل. لذا فهو يحاربك بأي وسيلة و بكل حيلة.
فسوف يراودك لترى أسواء ما فعلت لتكره نفسك و تيأس من روح الله. و سوف يخوفك بتحول قوتك وذهاب ما أنت فيه من نعم لتفكر في التكاثر من نعم الدنيا من أموال وغيرها ليجعل الدنيا هي أخر همك و مبلغ علمك و يصرفك عن التفكر في الدنيا و الأخرة. و سوف يسفه من أحلامك و يبدد أمالك فيتركك في الظلام وحيدا في بئر عميق من الهموم و الأحزان. فلا تستسلم للحزن و لا تترك نفسك لليأس و لا تركن للدنيا و لا تنسي الأخرة.