تأسيس الجنون
سيد قطب تأسيس الجنون
نشر في 12 يونيو 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
سيد قطب.. تأسيس الجنون
في خضم هذا الواقع المتدهور وبعيدًا عن نبش قبور الموتي، نتذكر أحد أهم رواد وكُتاب الإسلام السياسي، الأديب سيد قطب، لست بصدد الحديث عن الرجل كشخص وإنسان فكل ممن ساهموا سلبًا أو إيجابا في تشكيل الوعي العربي لهم وعليهم، ولن أتحدث عن نفسية الرجل المستهلكة بانكسار عاطفي، وفقر مدقع، وسقوط فكري أمام العقاد كمثال، ولكن أفكار سيد قطب وماذا قدم الرجل والإسلام الصحوي لعقول العرب والمسلمين.
سيد قطب الذي تتلمذ تحت قدميه شكري مصطفي مؤسس التكفير والهجرة، وآخرون ممن لغوا المسافة بين الأرض والسماء، والقرآن وتفسيره، ممن وضعوا سيد قطب في صفوف الموحى إليهم، هذا الرجل الذي تكفل وحده بالإنشاء والأفكار المهلهلة بؤد تجربة الإسلام الإصلاحي التنويري، وقمع تيار التجديد وتكفينه بلا رجعة، وقطع الطريق على أجيال كاملة، كانت من الممكن أن تغير شكل وثقافة أمة العرب بالكامل.
هنا يكتب شكيب أرسلان لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم بكل واقعية ودراسة نقدية مكتمله؟!
وهناك يكتب سيد قطب المستقبل لهذا الدين "الدين بقراءته" رغم التأخر والانحطاط والاضمحلال!
هناك في مجلة المنار تحت إشراف الشيخ محمد رشيد رضا يكتب فيها شبلي شميل المسيحي، وذكر أيضًا أنه ملحد مادي، هذا العقل العربي الموسوعي ود. إسماعيل أدهم وفريد وجدي وغيرهم.
وهناك ينظر سيد قطب للمجتمع الجاهلي والأمة الكافرة وجاهلية العصر الحديث وهل نحن مسلمون؟
هناك في مدرسة الإصلاح محمد عبده، والشيخ عبد الرازق ورشيد رضا ومحمد فريد وجدي ومجلات ومناظرات ورسائل وردود من وإلى فرنسا وإنجلترا والهند!
وعند سيد قطب يُفرخ لنا شكري مصطفي والظواهري والمفخخين وفتح العالم، ثم القاعدة وطالبان وداعش وازدراء الإنسان والمجتمع؟
منطق سيد قطب الذي أراد أن يحول الدنيا إلى غابة باسم الدين، وقضى على حركة المنطق والعقل والمواجهات والمعارك الفكرية، وأحط بالعقل العربي إلى ثقافة الإلغاء والإيذاء، ونقل معركة العرب إلى السلطة وفقط والصراع عليها، وحكم العالم.
هذه الأدبيات الضحلة، وفقه المؤاخذات والدراسات النقدية الواسعة؛ فقط لزندقة العقاد وكلمة العقاد وأمثال العقاد.
سيد قطب وأفكاره التي تمكنت من العقل العربي في مرحلة ما من العمق إلى السطحية، وأحدث انكسار للفهم العربي، ودفن من داخل مؤسسات الدولة وبمساعدة من على رأسها إلى إلغاء مئات الدراسات وطمس أسماء مجددين.
نكتب عن أفكار سيد قطب في ذكرى وفاته؛ لنرى كيف كانت أشرس وأقوى معركة لتيار وجماعة إسلامية حُسبت على الإسلام وأيضًا حُسبت على الفكر والسياسة، كانت المعركة الأكثر خطأ بجدارة، كيف لو كانت بكل مكوناتها الاجتماعية وترامي أطرافها وامتدادها؟ أكانت بشكل أو بآخر امتداد لمدرسة عبده والعقاد ورشيد رضا وغيرهم؟
نتذكر وفاة سيد قطب لأن الرجل بميلاده ووفاته حتى، أسس للجنون والشطط في عقول أجيال كاملة، وفرخ لنا جماعات ومجموعات تحمل لواء أفكاره، بشكل مباشر أو غير مباشر تخدم المشروع الذي قسم العرب من قبل ويسهم ويشارك في تقسيمهم الآن !
ننتقد ونرفض أفكار سيد قطب ونندم على العقل العربي الذي عَقِم وتوقف ولم يواجه نفسه ليسأل، كيف تبخر أمثال الشيخ محمد عبده؟
وكيف تأخر العرب وتقدم غيرهم؟!
-
Mahmoud Safwatلقد ولدت في تلك المدينة، لكن المستقبل لا يسكن أبدًا بين جدران الماضي. بقى اختيار المنفى.