ملاحظات حول حراك الريف - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ملاحظات حول حراك الريف

  نشر في 21 يونيو 2017  وآخر تعديل بتاريخ 09 نونبر 2022 .


 

  شاءت الصدف و على طريقة البوعزيزي رمز الثورة التونسية و مُطلق شرارة الربيع العربي ؛ أن تختلق التشكيلة الإجتماعية المغربية المهمشة أيقونة حراك الريف ، و رمز حادثة "الطحن" في حاوية أزبال ، التي كان جسد الشاب "محسن فكري" بائع سمك متجوّل ثلاثيني ضحية لشفطات آلياتها ، ما حفز أهل الريف على الإحتجاج بطريقة حضارية غاية في السلمية و محكمة التنظيم ، في إيطار حراك سلمي يحمل مطالب اجتماعية أجمع القاسي و الداني على مبعد شرعيتها و مبلغ معقوليتها . غير بدل أن تستجيب الحكومة لهذه المطالب سارعت إلى اعتقال قادة الحراك و تكميم أفواه المحتجين ، بل إلباس الحراك في خطوة وقحة لباس الإنفصال و الخيانة .

   فل ندع أسباب الحراك الواضحة الإقتصادية و الإجتماعية ، و لننظر إلى الوراء قليلا حيث نجد حراك 20 فبراير 2011 الذي تبلور في أعقاب ما سمي آنذاك بـ"الربيع العربي" ، ما تمخض عنه باقتراح من ملك البلاد استفتاء حول دستور جديد ، فاقت نسبة المشاركة الشعبية في هذا الإستفتاء أكثر من 70% ، أعقب ذلك انتخابات برلمانية فاز فيها حزب العدالة و التنمية و هو مراد الشعب المغربي بأن يتقلد زمام الأمور هذا الحزب الذي ترفع عن الفساد في مخيال المغاربة آنئِِذٍ ، فطويت صفحة حراك 20 فبراير باستسلام الشعب . غير أن مطالبها و بنود دستورها و شروط توصياتها لم يتم تنزيلها إلى الآن ، بل طعنة التهميش و الفساد أرغت في جسد الشعب أكثر ، إذ لم تترك حكومة بنكيران شيءا يباع للشعب لم تسعر ثمنه ، كما رعبنا بسماع خبر تهريب الأموال لبنوك بنما ، زد على ذلك ديون خارجية بالمليارات ، أما لو تحدثنا أن الصحة و السكن و التعليم فالضغط الدموي للقارئ خصوصا إذا كان مغربي سيرتفع أكثر . فحتى لا يتكرر نفس غلط 20 فبراير ، نسلط الضوء على الآتي : 

   كيف لشعب منعدم الوعي بشتى أنواعه خصوصا السياسية ، أن يصوت على دستور 2011 و هو لم يقرئه أصلا حتى يفهمه و يتبصر مستقبل المغرب على ضوء بنوده ، أجزم أن أغلبية المغاربة في 2017 لم و لن يقرئ أبدا نص دستور 2011 و مع ذلك صوتوا عليه ايجابا ما يعني أن الشعب احتيال على نفسه في 2011 !

 كيف ثمت قولبة حزب العدالة و التنمية بعد حراك 20 فبراير في قالب مخزني و هو الحزب الذي عقد عليه الشعب آمال الخلاص و الإنعتاق ، بل و شلُّه شلاً خصوصا مع مهزلة الحكومة الجديدة التي فاز فيها هذا الحزب بالأغلبية غير أن مفاصيل الدولة أوكلت لأحزاب لم تحصل على أكثر من 10 مقاعد حكومية ، ما يدفع للتساؤل حول ما فائدة انتخابات لا يسير من فاز بها ؟

   ما الذي تغير في المغرب بين 2011 و 2017 ما الفرق في المغرب قبل و بعد حكومة بنكيران ؟ أقول "لاشيء" ، ندلل موقفنا عبر إطلالة على بعض الأرقام التي تصدر عن تقارير دولية حول المغرب ، يشير تقرير البنك الدولي الأخير "المغرب في أفق 2040: الثروة اللامادية واتجاهات النمو" أن الدخل القومي الفردي يصنف من الأضعف في العالم ، إذ إن اليونان كأفقر دول أوربية تتوفر على دخل قومي يفوق ثلاث مرات المغربي ، ثانيا لم تتجاوز نسبة النمو الإقتصادي في المغرب منذ 2000 إلى الآن نسبة 3% ، و هي نفس الفترة التي بنت فيها تركيا اقتصادا تنافسيا ، نضيف أن التقارير تتحدث عن استمرار وفيات الأطفال بمعدل 24 وفاة في كل 1000 ولادة و هي نسبة كانت في دول أوربا في 1960 ، كما أن كل 4 شبان مغاربة يوجد بينهم اثنان على الأقل لا يدرسون و لا يشتغلون ، زد على ذلك تعليم في الحضيد و قطاع صحة لا يرقى للتطلعات ، أما نسبة التوفر على سيارة فـ18% فقط من المغاربة يتوفرون على سيارة (الأسر) في مقابل 30% عند الفرنسيين سنة 1960 ، هذا ناهيك عن فوارق في السعادة و العيش الكريم (مرتبة 91 من أصل 157 دولة ) . بمعنى أن المغاربة يعيشون التعاسة و البأس و الحرمان بعد و قبل حراك 2011 رغم الدستور الجديد رغم البرامج الوطنية التي تتغى تحقيق اقلاع اقتصادي و نجاعة في الحكامة ، إلا أن البلد لا يراوح مكانه تنمويا بل يرتد كل مرة للخلف ، فما السبب ؟ 

   نذكر بأن السلطة في المغرب مبهمة الحدود ، لا نعرف أين تبدأ سلطة الملك و أين تنتهي ؟ و مثلها سلطة رئيس الحكومة و الوزراء و العُمال و مدراء الأمن الوطني و الجيش ، ما يجعل هؤلاء المتأخرين مبهمي الإختصاصات كذلك ، و هذا يفتح لهم باب الإستفادة من عدة امتيازات باستغلال سلطتهم ، لعل أشهرها مؤخرا حادثة "أراضي خدام الدولة" إذ تم تفويت أراضي لكبار المتنفدين بثمن رمزي فقط ، في الوقت الذي يقتني المغربي المهلوك بقعة بالملايين ، زد على ذلك امتيازات السفر و الصحة بل حتى الهواتف النقالة الفارهة توزع على خدام الدولة . نضيف الريع الإقتصادي و التهرب الضريبي الذي يمارسه رجال أعمال بعضهم أصبحوا وزراء ، بل رفعت الحكومة الجديدة الضريبة على أصحاب السيارات الفاخرة و أبقتها على سيارات الفقراء ، في سياسة تفقير فاحشة في حق الشعب المغربي . 

   نضيف استغلال الدولة للدين و مخزنة المساجد ، نصيح كذلك بأن المغرب بلد لا يربط المسؤولية بالمحاسبة بل يُقال للفاسدين و المختلسين "عفى الله عن ما سلف" ، في حين يرمى في السجن من سرق بضع الدراهم ، مع كل هذا الواقع الكئيب تُخون بعض جهات الدولة من يخرج للتنديب بمبلغ فداحته . ننبه إلى أن هذا الوقع هو مستمر منذ زمن بحيث حاول حراك 20 فبراير إصلاحه لكنه فشل بسبب قلة خبرة بل سداجة بعض قادته ، و هو ما لا نتطلع إلى تكراره مع حراك الريف . إذ يجب المطالبة بفصل السلط ، و الدعوة بوضوح لفصل الدين عن السياسة ، كما يتحتم النضال من أجل استقلال القضاء و محاكمة رؤوس الفساد و هم معروفين ، يجب المطالبة باقتسام عادل للثروة ، كما يتوجب تحديد سقف لامتيازات و معاشات خدام الدولة ، كل ذلك في إيطار نظام ملكي من أجل كل المغاربة و ليس بعضهم فقط .

   أخيرا يقال أنك إذا "لم تُأصل لا تستطيع أن تُفرع" ، المشكل الأصل يوجد في شكل السياسة القائمة و ليس في من يأتي ليشتغل في إطارها كالأحزاب ، لذلك ندعوا لتجاوز رفع المطالب الصغرى كتجويد التعليم و الصحة و السكن التي تنتهي بمهادنات لا تأتي لا بتغيير و لا بتطوير ، بل يجب الدعوة إلى إصلاح النظام السياسي ككل و بعده ستصلح كل القطاعات .



   نشر في 21 يونيو 2017  وآخر تعديل بتاريخ 09 نونبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا