ذكرى... حب متعب...
حبيبتي... عشيقتي... مناي... صديقتي... اختاري ما شئت من الألقاب:
قريبا ستخلد حبات الرمل للنوم، حبات رمال حواف ذاكرتنا المشتركة، شواطئ الحب والألم. ستغفو بعيدا عن صخبنا... وأي صخب!؟...
قُلِ... بعيدا عن أنيني وصمتك الذي مازلت لم أفك شفرته المعقدة بعد مرور أعوام على أول دهشة كما تشير إليها ألوان عقارب ساعة معصمك الأنيقة. هدية من ساحات غرقي في بحرك الغامض...
ستسعفني السماء، حتما، بعد أن أغتسل، كل صباح بالنسمات الأولى للفجر، تلك المنادية بصلوات الدفء والحياة السلسة...
اسرق من العمر عمرا، من الغياب قطعة حضور قصير، أحضر قهوتي على عجل، وأعتبر هديتك الجميلة، وما تبقى من حنين فوق موائد الرحيل، بجرة قلم، ثم أطوي دهرا من سني كمسلسل تركي مدبلج رديء وأريكة باردة... نعم باردة جدا... حبيبتي...
زار المطر مراياك وعطـّشَ فراشاتك... زار آخر سلـَلِ التين ولذات الخريف... سقط المطر بغزارة في قصور أحلامي، فغرقت دواوير الوهم. واستيقظت مندهشا كيف نجا قلبي من السيول القاتلة...؟
تسقط خيوط الشمس على هزائم الروح صباحا، ولمضخة القلب أعطاب يجدد توهجها وجهك الذي يقترب كالسراب... فقتلنا نبض المسافات لتفنى للأبد... لأنطفئَ على روائح قهوة المساء المتكررة في دروب التيه... آخر سلالي الشهية... يا فرحي وألمي.
ذوبي أغاني الحزن الأخيرة، أرني فرحك من وراء زجاج النوافذ دون أن ينتبه سائق الطاكسي. شاركني قطعة من شعر قباني وأغاني فيروز... فلا نوم في حضرة الكمان... سيدتي... ومناي...
اليوم ذكرى... ذكرى أوراقنا الساقطة على مقاعد مقاهي الخريف الحزينة، الخالية إلا من طيور الحلم الجائعة. الذكرى محيط أرق وإدمان لفافة... جلباب حنين وشوق... طل... روح...تعب ودمعة وداع أخيرة...
فنجان قهوة رديء لمتشرد، مثلي، في مقاعد السفر إلى جزيرة قلبك... أتيمم، أغتسل، اليوم، بماء الصدفة وغدا أرى مرايا خوفك لأنظر في وجه أناقة سفري، لأعيد ترميم واجهات أعماق مدنك قبل منتصف العمر...
قد لا أكون دقيقا في مواعيدي أو صادقا في كلامي، لذا لا تنفضي غبار النسيان على المرايا لزائر كالظل قبل أن تحسمي في مصابنا الجلل، وتطلقي مشاريع حنينك قبل مطر الخريف، وحركتي حقيبتك اليدوية المفتوحة على السحب وأريج الزعتر...
إمضاء: عريس من جنوب الفرح
السبت... الساعة الحادية عشرة ليلا... بتوقيت الدف والشعر والفرح...
سعيد تيركيت
الخميسات - المغرب - 29 / 08 / 2015