سجن كبيرٌ مظلم قاتم ..

كلمةٌ بلا حروف وبلا كلام وبلا أحلام ..

كلمهٌ تجردت من معاني الحب ..

فالواو حياةٌ بلا وِئام ..

والحاء حياة بلا حنان ..

والدال حياةٌ بلا دلال ..

والتاء تتلوهم كي تقفل باب الوحدة بالتباعد والنسيان ..

معانٍ كثيرة لكلمة غامضة تتلو على قلبك الخافق أفكار تحتل جزءا كبيرا من تفكير عقلك ..

ويحدث أن تجلس وحيدا كي تتفكر بما يدور من حولك لساعات وساعات ..

تسرح في خيالك ضائعا في متاهة التحليلات ..

لا أحد سيتفهم ضعفك وبكائك سوا وحدتك ..

كعادته يجلس كل يوم كي يحتسي فنجانا من قهوته في حديقة منزله ضائعا في عيناها .. يتذكر نظراتها له وهي تقف مع صديقاتها مبتسمةً له بإبتسامة خفية مكنوزة خلف شفتان ترتجفان ..

وذلك الثغر الذي وقع في غرامها في وادٍ يتمركز في وسط خدها ..

يتذكر مشيتها كغزالٍ يتأرجح في الفضاء ..

يتفكر بها بكل ما فيها بأدبها وأخلاقها وزينتها وأناقتها وبياض بشرتها الذي يخيل لك أنها ثلوج قد تساقطت على وجهها ..

كان يحتسي قهوته المُره دون أن يشعر لِلحظة بمرارتها لأنها قد حلّت كل ما حولها بذكرها ..

وفجأة شعر بمرارة الحياة تذكر أنها لم تعد موجودةً الآن ولم تعد هنا ..

تذكر أنها قد عادت من حيث أتت قبل أن يعترف لها بجنونه بها ..

لم يعد يسمع عنها أي أخبار ؛فحماماتها الزاجلة لم تعد ترسل رسائل الغرام كعادتها كل ليلة ..

لقد عاد وحيدًا بلا قلبه بلا مبسمها بلا رجفة كلامها بلا روحها المرحة وبلا أي شيء ..

عاد إلى سجن الوحدة الداكن ..

عاد من حيث أتى بلا مقابل ..