ذكريات الطفولة تسكنني بروح طليقة، لا تعرف قيودا ولا موازين، وبألم صفعات التربية الذي لازال أثره في روحي. بذكرايات ليالي الوحدة والانكماش فى أحضان الليل لأبوح بدموعي لوسادة دابت لتكتم شهقات النحيب، ذاك الألم القديم والجُرح الذي كلما مسه ألم نزف من جديد.
تلك الروح التي مهما عصفت بها الأيام بقيت صامدة قوية، لا يرى أحد دمعها ولا يحسب أنها تذوق انكسارا في وحدتها ويصيبها اكتئاب. تغلق عليه نافذة روحها فلا يتسرب إليها دفء ولا أمل ولا رغبة في الحياة.
إنما فى نظر الجميع روح مفعمة بالأمل والحيوية تنقش من الأيام أحلاما وتنثر بهجة في النفوس ولم يعلم أحد أن الثمن هو شعلة الحياة داخلها.
ماضٍ تسرّب رُبما بقياس الزمن، أعوام انقضت لكنّنا الآن وحدنا ندفع الثمن! ثمن جفاء لم يخلق حضن يحتوينا وقت الألم. وثمن ذل تجرعناه على مضض لمّا لم يرد عنّا أحد السخرية، انما تبسّم وهوّن الأمر واتهمنا ربما بالتعقيد ونحن في عُمر الطفولة لا نعرف سوى الفطرة.
ربما كبرنا وحسبنا أن تلك الآلام تفرقت كما تفرقت ألعابنا، حسبنا أنها أوجاع عابرة صغيرة للطفولة ستختفي ولا تليق أن تكبر معنا، كما ملابسنا التي ضاقت واختفت، ربما هربنا من مواجهه أنفسنا وطلينا وجوهنا بالضحك المصطنع لئلا ننكت جُرح لا نعرف عمقه.
ترسبات الطفولة المؤلمة التي وللاسف كل سبل النضج تنتهي اليها وكل طرق تقويم الذات تبدأ من ادراكها ومواجهتها.
سيل من الصدمات يبتلعني لمّا غرقت فى التذكر والمواجهه! كم من نصائح أخذتها وكأن قائلها يريد ل الخير وقلبه ينشغل بي وهى فى الأصل كانت سموم مدسوسه لفكرى وروحي.
كم من قريب حسبته صادقا ويُعظّم شأني وأخذت رؤيته على محمل الجد وربما شككت فى ذاتي ولمّا أصابنى نور النضج رأيت أنيابه فى عنقى ملطخه بدمٍي الذي كان دوما نقيا ولا يحمل ضغينه لأحد.
ربما لا
للنضج ثمن وكذلك للمواجهة لكنها خطوة مهما فررت منها فستظل تراودك حتى تهم بها، ستظل تحوم حولك حتى تقع في شباكها، تبكى كثيرا تصمت كثيرا لكن ترى الحقيقه.
فى غُمرة هذا الألم وعمق الجرح الذي أفزعني لمّا لم أتمالك نفسى أمام الثمن الذى أدفعه وحدى الآن، وفى قمه تساؤلاتي لما تأخرت كل هذا لأدرك أن داخلى ثوره لن تستقر ولن تهذأ إلا بتطهير عميق أليم ,وكذلك فى ذروه تكشّف الحقائق وسقوط الأقنعه وادراك الحقيقه ونضوج الروح.. أخاطب نفسى أنها الأمل.
أستيقظ صباحا رغم شحوب وجهي وآثار الدموع إلا أني ابتسم بثقه وأردد "أنتِ الأمل فى العيون" يانفسي ستقر عيني بإنتصارك يوما وعلى قدر عمق الجرح سيكون عمق الطُهر ويكون عُمق الصفاء والثقه بك على مواجهه مصاعب الحياة القادمة مهما كانت وأنتِ الأمل.
التعليقات
أرجو لك تجاوز سؤال "لم كل هذا التأخر" قريبا لأنه لا يساعد بل يزيد من جلد الذات.
أتمنى لك التوفيق في رحلة النضج والشفاء :)
خذي الأمر بيسر ؛)