لا يفتأ المجتمعون في مجلس من المجالس في التحسر على أوضاع بلدانهم أو مجتمعاتهم أو أمتهم العربية جمعاء ،ويبدأ الجميع في الحوقلة ولعن الظروف والأوضاع والمؤسسات والبشر ... إلى آخره ،يتبارى بعضهم في إلقاء التهم على المحيطين وعلى الشعوب والمجتمعات والحُكام والحكومات وهكذا ...
الجميع يتطلع حوله ويلقي اللوم والذنوب على جميع المحيطين به ،يرى الجميع مذنبا إلا هو ،الكل يتطلع في مرآة الآخرين يرى أخطاءهم وينسى التطلع في مرآته هو ليرى أخطاءه وعيوبه التي أودت بالأمة والمجتمع الذي ينتمي إليه.
أتساءل ،مذ متى تردى حالنا هكذا ،مذ متى تغيرت مفاهيم الصحة والاعتلال ،ربما منذ تقاعست أنت عن آداء وظيفتك بحرص وإتقان ،عندما سايرت الركب وقلت تلك الجملة الشائعة "يعني هي جت عليا" ،فتساهلت في آداء واجبك ورأيت الخطأ فأدرت ظهرك ولم تحاول التصحيح أو تغيير الخطأ ولو بالقول.
تُفاجئ دوما بتلك الكلمة المعهودة "يعني انت اللي هتصلح الكون" أقول نعم وحدنا قادرون على إصلاح كل ماحولنا لو أصلح كل فرد نفسه ودائرة صغيرة من حوله اثنين أو ثلاثة قطعا سينصلح الكون.
العجزة وحدهم هم الذين يمكثون في ندب الأوضاع وإلى أي حالٍ وصلوا ،دون محاولة للتفتيش عن سبب ما يحدث ومحاولة الإصلاح ولو بأقل القليل ،لا أعلم على وجه اليقين لم وصلنا إلى هذا الحد كشعوب عربية ومجتمعات اسلامية لكن قطعا لسنا مولودين بتشوهات خلقية ستمكث معنا أبد الدهر.
العاملون حقا بعيدون عن الثرثرة والشجب والندب ، يبحثون عما يقدمونه يسهم ولو يسيرا في التغيير والإصلاح ،يفتشون في سير السابقين يتفحصون المشكلة محاولين إيجاد حل لها ،لن تستقيم مجتمعاتنا دون ان يكون فيها مصلحون وإلا فالهلاك لنا فقد قال تعالى "ومَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ " مُصلحون وليس صالحون أصلح نفسك ثم من حولك .
قد يكون الأمر شاقا والطريق طويلة عاثرة ،لكننا خلقنا لنعمل ،لنغير ،ولو حتى لنلقى الله بأمر ولو وكان يسيرا صنعناه .
انظر في مرآتك ،مرآتك أنت تطلع لثقوبك ،ثقوبك أنت لُم نفسك أولا فلولاها ما وصلنا لتلك الحال المتردية التي صرنا لها على شفا جرف هار .
جل ما علينا التيقن منه أنه ما من أحد سينتشلنا من ذاك القاع الذي سقطنا فيه وأن انتظار المهدي لن يجدي ، فقط العمل والاجتهاد وحدهم سيساهمون في الخروج من ذاك القاع ،انقضى أوان الثرثرة الفارغة التي لا تسمن ولا تغني وحان أوان الغرس والعمل .
-
Heba Hamdyالكتابة صرخة ،نطلقها بعد أن تروض الحياة أحبالنا الصوتية على الصراخ المكتوم ...