استعملت نظرية ماسلو في العديد من المجالات منها الاقتصادية و الاجتماعية و التربوية و الدينية... وهي نظرية يمكن إسقاطها أيضا لدراسة مشكل البطالة. البطالة هي ظاهرة يعاني منها العالم أجمع لكن بدرجات متفاوتة. في تونس مثلا البطالة باتت تهدد تماسك واستقرار المجتمع ، لما ينتج عنها من تأثيرات مدمرة تنعكس على الجانب الاجتماعي بالدرجة الأولى، ثم الجانب الاقتصادي الذي سيحرم من طاقات بشرية تصنف ضمن الطاقات المعطّلة. بينما تقتضي الديناميكية الاقتصادية الاستغلال الأمثل لهذه الطاقة الإنتاجية المهدورة، من أجل دفع عجلة التنمية إلى الأمام للخروج من أزمة الفقر والتخلف التي تميّز تونس و الدول العربية.
بلغت نسبة البطالة في تونس 15.3 بالمائة خلال الثلاثي الثاني لسنة 2017 مقابل 15.2 بالمائة في سنة 2015 وفقا لما نشره المعهد الوطني للإحصاء.
الشاب التونسي العاطل عن العمل كغيره لديه حاجات يسعى إلى بلوغها كالعيش الكريم من خلال عمل يحفظ كرامته و يشعره بإنسانيته و قيمته رغم أنه حق يضمنه الدستور و المعاهدات الدولية إلا أنه أصبح حلما و ليس حقا فالحقوق بالنسبة له أصبحت مجرّد أحلام.
عدم توفّر شغل أثّر على هرم الحاجات لدى الشاب التونسي أصبح يهدد بقاءه نظرا لتفاقم الفقر و الخصاصة فأصبح يسعى لتحقيق حاجاته الأساسية ليضمن بقاءه و حماية نفسه و أمنه و أمانه. البطالة أثرت على الحالة النفسية التي أصبحت متردية و عقّدت العلاقات الاجتماعية سواءا داخل الأسرة أو الأصدقاء أو المجتمع بصفة عامة ، الشاب أصبح يهرب من واقعه إما بالجلوس في المقاهي أو بالتدخين و إدمان المخدرات أو الإنتحار أو بالدخول في عالم الجريمة و الانحراف و منهم من يغريه الانتماء إلى تنظيمات إرهابية، منهم من فقد انتماءه لوطنه فهو يرى أن الدولة التي تعجز عن تحقيق مطالبه المشروعة ليست وطنا و اليوم نواجه مشكلة خطيرة جدا و هي الهجرة غير الشرعية بحثا عن مورد رزق يحفظ الكرامة المهدورة و أحلاما لم ترى النور، شباب تمّ استغلاله و إغراقه في مراكب الموت، فقدت عائلات تونسية العديد من أبنائها فلا تجد منطقة بالتراب التونسي لم تذرف الدموع على شهدائها.
الشاب التونسي العاطل أو المعطّل أصبح يعتبر نفسه عبء على عائلته و على وطنه حيث أنّه يستهلك فقط دون أن ينتج و لا يكن أي احترام لنفسه فما بالك أن يطالب به غيره و من الصعب أن يحمل أي تقدير لذاته أو يطالب به أيضا: شاب بدون شغل لا قيمة له و لا دور هذه نظرته لنفسه كل شيء رهين حصوله على شغل ان تمكّن منه فهو بمقدوره تحقيق حاجاته الأخرى من تكوين أسرة و اكتساب لاحترام الآخرين و السمعة الطيبة و المكانة الاجتماعية و تحقيق الذات.
هذه لمحة عن الوضع في تونس إلا أنني رغم ما ذكرت فإن الشاب التونسي مكافح و طموح قادر على التغيير و تجاوز الصعاب ( رغم وجود وضع أمني و اجتماعي و اقتصادي و سياسي غير مساعد ) نظرا لما يتمتع به من كفاءات و رغبة في التقدم و تحقيق الأهداف ، الشاب الذي قاد الثورة بإمكانه صنع المعجزات .
مشكل البطالة لا يمكن القضاء عليه و إنما يمكن تقليصه و هو يحتاج إلى تضافر جهود كل مكوّنات المجتمع و كل القطاعات و من بين الخطوات التي يمكن العمل عليها:
- إمداد الشاب بالمعارف و المعلومات و العادات و الاتجاهات الصحية ، التى تساعده على التمتع بالصحة و الحيوية و أداء دوره بفاعلية.
- تنشيط قدراته العقلية المختلفة مثل القدرة على التذكّر و التخيّل و التفكير و الإدراك و الترابط و غيرها ، و إيقاظ هذه القدرات و استثمارها بما يعود عليه بالنفع و الفائدة و يحقق له السعادة فى حياته العامة و الخاصة .
- إتاحة الفرصة للشاب للتعبير عن آرائه وأفكاره و رغباته و ميوله و التي تتفق مع معايير وقيم المجتمع و معايير و قيم الشباب.
- إشعار الشاب بقيمة الخبرة و المعرفة التى يتلقاها.
- تنمية أفكار الشباب نحو العمل الحر و الخاص.
- تشجيع الشباب على البحث و المعرفة .
- تزويدهم بالمعارف و المعلومات عن المجتمع و ظروفه ومشكلاته و إمكانياته .
- تنظيم الندوات والمؤتمرات التي تناقش قضايا الشباب و تشريكه فيها.
- مساعدة الشباب على بناء أنفسهم بأنفسهم.
- توفير فرص الترفيه و شغل أوقات الفراغ للشباب.
- تنمية الاتجاهات السليمة و إرشاده لبعض القيم و العادات الحميدة لكي تبنى شخصية متكاملة مع الشريعة الإسلامية.
- تهيئة المناخ الصالح لتطوير شخصية الشباب.
- إتاحة الفرصة للشباب ( المسئولية الاجتماعية ).
- تنظيم الطاقات للشباب و الاستفادة من قدراتهم في مجال الخطط التنموية الموجودة.
- دعم القيم الدينية و الروحية و ذلك من خلال العمل مع الشباب و توجيههم.
- تقوية و تدعيم شعور الانتماء للوطن .
- تنمية الشعور بالمسئولية الجماعية.
- تنمية العادات والتقاليد والاتجاهات الايجابية نحو الغير و المجتمع.
- نشر الوعى الصحيح نحو ممارسة الحقوق السياسية و أهمية العمل المنتج وتقدم المجتمع.
- التأكيد على دور الشباب فى التنمية و تشريكه في اتخاذ القرار.
- مساعدة الشاب على التوافق مع المجتمع و تكوين العلاقات والسلوكيات الاجتماعية المرضية.
- اكساب الشاب الخصائص و القدرات التى تعاونه على التكيف مع المجتمع ،و مواجهة مشكلاته والوقاية منها .
- حث الشاب على المشاركة فى شئون مجتمعه.
- تزويد الشاب بمهارات التفاعل الاجتماعي و القدرة على تحمل المسئولية.
- تعريف الشاب بخصائص المواطنة الصالحة و مسئولياته نحو مجتمعه.
- تطوير المنظومة التعليمية بما يتماشى مع احتياجات سوق الشغل و الاهتمام بالتدريب المهني .
- ترسيخ فكرة ان كل العمل مهم و التخلص من النظرة الدونية لبعض المهن في نفوس الشباب.
-
نجاة علي الأخضررائدة بمعهد الفضاء المدني