لكل حقيقةٍ حكاية ولكل حكاية عنوان ، نختصر الماضي في كلمات بخيره وشره ، فمقولة من ليس له ماضٍ ليس له حاضر تاهت في أروقة النسيان فأصبح الماضي للبعض مجرد حكاية يتسلى بها المغفلين من الناس ، ويرى البعض الآخر بأنها خزعبلات واكاذيب تروى من كبار السن لتخويف ابنائهم ، او قد يرى البعض بأنها أساطير ليس لها واقع يقصها عليهم مشايخ و اكادميين لجذب جمهور العامة لتكوين جماعات لهم كأحزاب وغيرها ، ولكن أين تختبئ الحقيقة......
من ليس له ماضٍ ليس له حاضر ....
في جميع الكتب التاريخية القديمة وفي جميع اصقاع الارض يوجد في كل زمان ومكان أناس كانوا يقصون القصص منها الصحيحة ومنها السقيمة ، وخلف كل ماضٍ....كان هناك أناس يُكذّبون القصص التي كانت تروى في زمنهم بل وينعتون قائلها بالكذب وغيرها من الشتائم ، وقد تكون القصة حقيقيةٌ ولكن من ادعى كذبها قد لامست له بشي يخصه فخشي ان تحرمه منه فيبدأ بالتقول على قائل القصة أنه مدعي او كاذب حتى يروم مناله ، ففي كل زمان ومكان تختفي الحقيقة خلف أسوار المأرب والامنيات.....
من ليس له ماضٍ ليس له حاضر ....
عصر الكذب والدجل والترهات.... القرن الواحد والعشرين الذي اختفت فيه الحقيقة ، فباتت رياح الكذب تعصف بالناس عصفاً حتى اختلطت اوراق الصادق فيها بالكاذب ، سياسةٌ عمياء ليس لديها هدفٌ الا صناعة الخوف لدى الشعوب ، مصالحٌ شخصية تُقدم على مصالح العامة بأكذوبة الصالح العام ، سياسة عمياء تُسيِّد فيها الجاهل العامي و يهمش فيها العالم الجهبذ ، سياسة عمياء......تجعل من سياستها اضحوكة العالم بسخافاتٍ وترهاتٍ كما هو الحال في إيران وغيرها من الدول ، سياسةٌ عمياء....اوصلوا الحاضر بالماضي فحاسبوا أهل الحاضر على أخطاء الماضي ، اي سخفٍ هذا الذي نعيشه ، فكل شخص يدعي أحقيته في النيل من غيره بسبب زلةٍ في تاريخٍ قد عفى عليها الدهر ، سياسةٌ عمياء......تلك التي أعطت القوة لدولة أنجبت من قوتها ارهاباً ، دست السم في العسل ، زعزعة أمن الدول ، تطلب العدل من الناس وقد داست ببسطارها كل الأمم ، وبين هذا وذاك ..... ضاعت الحقيقة ، واختفت تحت استار سياسات مقيته ....
من ليس له ماضٍ ليس له حاضر ....
يحكى أن رجلاً ذهب ليشتري لنفسه طعاماً ، فحلف له البائع بأنه جديد ومن صنع اليوم ، وحينما ذهب الى منزله واجتمعت الأسرة على مائدة الطعام وهم في سعادة غامرة وقد همو بتناول الطعام وجدوا بداخله التعفن ..... خفتت الضحكات وبدأت تظهر على الرجل علامات الانزعاج وبدأ كيل السباب والشتائم على البائع ...ولكن.....انتهى الكلام.... ورُمي الطعام..... ولم يذهب الرجل الى البائع ليحاسبه.. بل اكتفى بما قام به من سب .... لم يذهب الى اي جهة حكومية لتحاسبه على فعلته ، أصبح البائع تاجراً كبيراً بسبب سكوت الرجل وسكوت أمثاله على اخطاء ذلك البائع وغيره ، أصبحوا التجار يسرحون ويمرحون في الأرض ، لديهم معارفٌ وصلاتٌ بأسياد المجتمع ، كيف لا؛؛؛وهم من يُسِنون اسعارهم ويُسيطرون على المأكل والمشرب ، والناس في غيهم يعمهون ، بائعٌ فاسد ... أصبح اليوم في المجالس سيد .... إذا سأَل أُعطِى ..... وإذا طَلْب أُجِيب ...بائعٌ فاسد .....حينما ارتفعت أسعار اللحوم في زمن الخليفة عمر واشتكوا الناس ... قال لهم عمر انقصوها بالامتناع عن شرائها ... فكان كما قال رضي الله عنه... ففي هذا الزمن .... بائع فاسد يمتطي صهوة جوادٍ وهو لا يعرف للفروسية طريقة ولا معنى ، من سَيَّده..... من جعلهُ تاجراً يدق أعناق الرجال ..... وهو للكذب أباً مُحتال....إنه ذاك الرجل ... وكل رجُل....اشترى راحت باله ابتداءاً..... وفي نهاية الأمر بكى من سوء الحال ... ضاعت الحقيقة ... واختفت في دهاليز الغش والسكوت عن الجريمة ....
من ليس له ماضٍ ليس له حاضر ....
التاريخ يعيد نفسه ، باختلاف الشخصيات ولكن الدور واحد هو هو كما كان ، فكل شخصية تلبسُ ما يليق بها ، فالكاذب يلبس ما لبِسهُ سلفه ( مسيلمة الكذاب ) والسفاح يُعيد شخصية الحجاج ، هكذا الى أن تنتهي الحكاية ..... ولكن لا تتضح للحقيقة صورة ...... فكما قيل ( قول الحقيقة وازعاج الناس ... أفضل من الكذب لإرضاء الناس ).
-
مثقفمثقف ويكره الجهل
التعليقات
إذا كان الماضي ليس على ما يرام.. فلما نركن إليه ونفتش عنه في حاضرنا؟؟
وان كان بخير.. فلقد كان لوقته وللننظر ليومنا بجديد.
ليس بالضرورة أن من ليس له ماض ليس له حاضر....