بقلم أ.د.عادل رشاد
لماذا ينهار كثير منا ويصيبه الاكتئاب أمام الأحداث المؤلمة؟
لماذا تضعف مقاومة الكثير أمام إغراءات الشهوات المحرمة؟
لماذا يتوقف الكثير عن أداء أعماله بإتقان ؟
لماذا نتعامل بعنف مع المواقف المستفزة من الآخرين وخصوصا في البيت مع الزوجة أو الأولاد؟
ولماذا يفقد بعض الدعاة والمربين الحكمة في التعامل مع تحديات الدعوة والتربية ؟
مفتاح الإجابة عن هذه الأسئلة هو افتقادنا لجمال الصبر ، نعم الصبر الجميل هو ما نحتاج إليه لنتصرف بشكل أفضل ، (ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر) صحيح البخاري ١٤٦٩.
الصبرالجميل ليس انتظارا سلبيا أمام ضراوة الأحداث بل هو طاقة نفسية تغذي قوة الاحتمال وصمود المقاومة، وجهود التغيير.
كما أن الصبر الجميل لا يعني جمود العاطفة أو برود المشاعر، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم في وفاة ولده: «إن العين لتدمع، والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون» أخرجه البخاري (١٣٠٣) ، ومسلم (٢٣١٥)
كيف يمكن أن تكتسب هذا الصبر الجميل؟
1- احتسب نتائجه الإيجابية: فالصبر يحمي الذات من الانهيار أمام الحدث أو التخبط في ظلمات الجزع والهلع، أو السقوط ، وفي الحديث (الصبر ضياء) أخرجه مسلم (٢٢٣)
وهذا الصبر يمدنا بمصادر عليا من المعية والمحبة الإلهية كما قال تعالى: {إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ} سورة البقرة: 153{وَالله يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} سورة آل عمران: 146..
هذه النتائج مضمونه لا تضيع {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} سورة هود: 115
الصبر مثل اسمه مرٌّ مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل
2- استخدم كلمات التثبيت، مثل تلك التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم (كلمات الفرج): (لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب العرش الكريم) كما في صحيح الجامع، وقال: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني فى مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرًا منها» رواه مسلم.
يقول ابن القيم: «وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب، وأنفعه له في عاجلته وآجلته، فإنها تتضمن أصلين عظيمين:
أحدهما: أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل، وقد جعل عند العبد عارية ( استعارة)
والثاني: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق...
وقارن هذا بما يتفوه به الجازعين من كلمات يائسة أو متبرمة أو شاكية.
3- اقتد بنماذج الصابرين: استحضر كمالات الصبر التي قدمها الأنبياء، لنتأسى بها: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} سورة الأحقاف: 35 واستمع ليعقوب عليه السلام يقول بعد فقد ولديه:{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} سورة يوسف: 83
ولذلك كان نبينا صلى الله عليه وسلم يقول عندما يصيبه الأذى: «يرحم الله موسى، فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر» أخرجه البخاري (٣١٥٠).
4- تدرب على احتمال بعض الصعوبات أو الحرمان الإرادي في مقاومة لرغبات النفس أو عاداتها السلبية ، من شره في المأكل أو تدخين وغيره .
5- ثابر في نوافل الطاعات وفي الحديث : (مَن ثابَرَ على ثِنْتَي عشْرةَ رَكْعةً مِن السُّنَّةِ، بنى اللهُ له بَيتًا في الجنَّةِ.) صحيح الترمذي ٤١٤ و ممارسة التمارين الرياضية .
هذه الإرشادات تساعدك على أن تكون مستعدا لمواجهة تحديات الحياة وأزماتها ، إذا وقعت بك وسل الله العافية : فرسولَ اللهِ عندما أتى على رَجُلٍ وهو يُصلِّي وهو يقولُ في دُعائِه: اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُكَ الصَّبرَ، قال: سَأَلتَ البَلاءَ، فسَلِ اللهَ العافيةَ. أخرجه الترمذي (٣٥٢٧).
فاللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ، في دِيني ودُنيايَ، وأهلي ومالي.
-
adelrhgباحث أكاديمي