الدنيا من ثقب الباب!
بقلم : عمرو يحيى
نشر في 13 يناير 2019 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
بعض الناس تتوقف عندهم الحياة عند نقطة معينة ينتهي بعدها كل شيء..
تضيق أمام هؤلاء الأبواب والنوافذ لكل الحلول أو الخيارات..
حتى ينتهي بهم المطاف أمام ثقب باب مغلق ينظرون من خلاله على الدنيا!
ولك أن تتخيل ما الذي يمكن أن يراه المرؤ عندما ينظر من ثقب الباب، ولا أقصد هنا التلصص لا سمح الله، ولكن من يفعل هذا بالتأكيد لا يرى إلا أقل القليل، ويغيب عنه الكثير مما يقع خارج إطار ثقب الباب، ناهيك عن ألم الظهر الذي سيشعر به جراء تلك الوضعية التي يضطر لاتخاذها للنظر من خلال الثقب!
وقطعاً هناك أسباب تدفع البعض لهذه الحالة، مثل الظروف الحياتية الصعبة، أو الفشل في تجربة ما أو الإخفاق في إيجاد فرصة عمل وهكذا تتنوع الأسباب من شخص لآخر تبعاً لاختلاف المواقف والثقافات ولكن في النهاية تجدهم جميعاً يصطفون أمام الأبواب لينظروا من خلال الثقب.
ولو أن هؤلاء فكروا فيما قد يكون خارج إطار هذا الثقب الصغير لكسروا تلك الأبواب وأطلوا على الدنيا الرحبة الواسعة وبحثوا عن بدائل والتي حتماً تكون موجودة ولكن ربما تغيب عن أعينهم وراء غيامة اليأس والخوف من الفشل.
والحق أننا لا يمكن أن نقسوم عليهم باللوم أو الامتعاض فهناك بالتأكيد من المعوقات والصعوبات وربما الصدمات التي تجعل الفرد منا في لحظة من اللحظات يدخل حالة من عدم الاتزان والتوهان، لكن في ذات الوقت نقول أننا إن استسلمنا لمثل هذه الحالات وأصبحنا فريسة للأوهام واليأس فلربما ينتهي بنا الأمر خبر في صفحة الحوادث التي صارت تعج بأخبار عن حالات الانتحار والقتل والطلاق حتى في أوساط من نعدهم من الطبقة المثقفة أو ذوي الفكر الناضج.
والحل الأول والأمثل في مثل هذه المواقف هو العودة للباب الذي لا يوصد أبداً، الباب المفتوح على مصراعيه أربعة وعشرون ساعة، العودة إلى الله الذي تأخذنا الدنيا وتلهينا بعيداً عنه فنذهب نتلمس الحلول عند أصحاب السلطة أو الجاه هنا وهناك بينما باب رب هؤلاء جميعاً وربك ورب كل شيء موجود طوال الوقت ولا يمل صاحبه عز وجل من سؤالك وإلحاحك. فلا تيأسوا أخواني من رحمة الله ولا تملوا من طلب العون والمدد منه فهو وحده أهل لفك كل الكربات والأزمات.
ثم .. الأخذ بالأسباب الدنيوية، فلا نتواكل على الله ونقول نحن في انتظار الفرج، فهذا مناقض للمعنى الأصيل للتوكل، بل يتوجب علينا العمل على توفير الحلول والبدائل التي لا تتعارض مع شرع أو خلق و تتنافر مع قيم وثوابت، أما أن نجلس نبكي ونلوم هذا وذاك بينما نحن أنفسنا مقصرين في حق أنفسنا، فذاك لا محالة لن ينتهي بنا إلا شيئ مما نحب أو نحلم به ..
مثلاً.. تجد بعض الناس يبحث عن عمل في شركات كبيرة بينما هو لا يملك من المهارات الأساسية أو الخبرات ما يؤهله لذلك.
آخرون يرون كل البشر خونة ولا يجب الوثوق بهم نتيجة إخفاقهم أو صدمتهم في بعض الأشخاص، فليس معنى الإخفاق أن يكون الجميع على نفس الشاكلة، ولا معنى وجود بعض البيض الفاسد أن تكون البقية كلها فاسدة، فلا يجب أن نعمم أو نشوه في أحكامنا على الأشياء.
شاب قابلته مثلاً منذ أيام يرى كل النساء كذا وكذا! وبالطبع دخلت معاه في حوار مطول حول هذا الموضوع، والنماذج كثيرة ومتعددة ويجمعها جميعاً رابط واحد، هو ضيق الأفق والنظرة الشمولية المشوهة.
ولهؤلاء جميعاً نقول...
أقيموا ظهوركم لبعض الوقت...
أعطوا أنفسكم فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق.. ثم النظر من جديد لما قد يكون غاب عنكم في غمرة انشغالكم بالنظر من الثقب...ثقب الباب!
التعليقات
نظرة متفائلة ودعوة لتشريع الأبواب والنوافذ..فحتما ستكون النظرة أوسع وأشمل
مقال راائع