و لدت ولا أدري من أين لي بذلك الإصرار على أني متفوق قليلا، و مختلف عن الآخرين. ر بيت نفسي على أ ني ملك في مكان ما. واعدتها على إيجاد المملكة.
مارست الكونغ فو منذ نعومة الأظافر. كنت أبلي حسنا. تفوقت على زملائي. هناك من كرس إحساس التفوق ذاك . تحسست المملكة. كان الدرب واضحا. و لشدة وضوحه، قررت ألا أسلكه. مملكتي أعجب من ذلك. استمتعت بتفوقي لبعض الوقت، و ليس بالكونغ فو. ثم مضيت: العفو عند المقدرة.
ثم عزفت البيانو الصغير. بدت الأنامل رشيقة كما بدا الجسد في الكونغ فو. ه ناك من كان يعرض كل شيء لأنه حاول أن يجعل مني كل شيء. دغدغ إحساس التفوق من جديد. بدا البيانو أحب إلى قلبي.. كنت أمضي ساعات في محاولة ترتيب م قطع ما. كنت أستمتع بالنوتات التي تسائلها الأنامل بجرأة الواثق من تفوقه. بد أت الدروب و المملكات بالتكاثر.
ثم جاء الأهم، و صرت نجم المدرسة و فتاها المدلل. تلميذا متفوقا كنت. قدمت نموذجا جديدا: التلميذ النجيب الجالس في ركن الصف، و ليس في مقدمته. شكل ذ لك حدثا جديدا تتداوله الألسن. لم أكن تلميذا نجيبا فحسب، بل نجيبا مختلفا. لا شيء يضاهي نجومية الطفولة. صرت فتى الأحلام. و فجأة طفر الإحساس بالتفوق إلى هتلرية رهيبة: أنا شخص لا يشبه الآخرين، أعلى و لو قليلا، و مختلفا كثيرا. واظبت على حب نفسي، حتى صار الآخر فار غا تماما. و الحق أني كنت مكتفيا. صارت نفسي مملكتي. صرت كل ما أحتاج. اتسع الفرق. تربعت على الأفق. و كبرت الأحلام حتى ضاق بها الأفق. كبرت أكثر من اللازم،حتى ارتبكت في تحديدها. بدا كل شيء أصغر مني و من تطلعي. و فجأ ة، انقطع الخيط الرفيع بيني و بين الحلم، أو ربما أصبت بداء الملل، أو...لا أدري ما حدث بالضبط. اليوم، أحس و كأني أرى الماضي في مرآة. يبدو كل شيء مقلوبا. كما تظهر صورة شجرة الضفة على مياه النهر، هكذا هو الحاضر مع الماضي: إسقاط له، لكن مقلوب. كمن يعدو في مضمار متقدما بمسافة شاسعة على كل المتسابقين، ثم يغفو لح ظة و يفيق، فإذا بمنحى السباق يعكس كليا، ليجد نفسه في الصف الأخير، وحيدا هناك.
حتى المشي في الشارع، بكل هدوء صار عملية معقدة أحسد عليها الناس. أجهل كل شيء، أحتقر كل شيء في أناي. أراني اليوم مجرد حثالة.
هل أنا حثالة ؟ هل يخلق الله الحثالة ؟ نعم، يخلق كل شيء. لا زلت مصرا على أني حثالة مختلفة...