غالبًا ما يُنظر للأشخاص الذين يلتمسون قليلاً من الواقعية في حياتهم بإنهم مكتئبون، قد أناصرك مرة ولكن دعني أخالفك مرات، أعتقد أننا متفقون في أن الواقع أبداً ليس مشرق، فحقيقة أن شخص فهم الواقع قبلك وبدأ يتعامل مع مشاكله ومع الواقع ونحّي عواطفه جانباً= لا تجعل منه مكتئبا، أصلا لا تعطيك الحق بالحكم علي الأشخاص.
أثناء كتابتي للفقرة السابقة تذكرت أمراً كنت مؤمناً به في صغري في بداية تفتحي [وهو أنه كلما زاد عدد من تحب في هذه الحياة؛ كلما زادت نقاط ضعفك] أعتقد أن أصحاب الرياضيات يسمون هذه العلاقة طردية، هل هذا الأمر صحيح؟ هل لو صرت وحيداً ستصبح قوياً؟ هل الواقع يفرض عليك أن تقنن من علاقاتك في هذه الحياة؟ هل الناس المتواجدون داخل عالمك الشخصي هم نقاط ضعفك حقاً؟ فلنفترض أن الأمر صحيح، لماذا الحب يصبح موضع ضعف وليس موضع قوة؟ أم أن الأمر كله مجرد توهمات مراهق؟.
ربما هذا المراهق الكئيب شهد معارك داخلية أنت جاهل بهويتها، أو ربما هو مجرد مريض نفسي تعجبه موضة السواد.
بالنسبة للمعارك التي ذكرتُها؛ أعتقد أنك أخذت التعبير بشكل مجازي، ولكن المشكلة أن الأمر شبه حقيقي؛ فللنفس معارك_ أيضاً_ داخلية يتأذي الإنسان منها أذي قد يكون أكبر من أذي المعارك الخارجية،منها مثلا معركة الحب.
إذا أعلنوك طرفاً في معركة من معارك الحب فأنت خاسر لا محالة حتي لوكنت منتصر، فمعارك الحب عادة ما تكون دموية بدون دماء، ستفيق منها مسخاً ملقي علي قارعة الطريق لا وزن لك ولا قوة.
فإذا رغبت في تغيير الأسود فيجب عليك أن تعمل علي عقد هدنة في الداخل بين جميع الأطراف؛لأن الداخل هو مركز العمليات الحقيقي لحياتك، حتي الطرف المشاهد للمعركة عليك أن تسترضيه ليقبل بالسلام.
فثمة نقاش قائم أغلب الأحيان في الداخل، غرابة هذا النقاش ليست في أنه أحياناً قد يرقي ويتطور ليصل إلي معركة مجهول فيها هوية الأطراف..
ولا في كون المنتصر في كل الأحيان أياً كان لن يضرك ولن يفيدك..
ولا في أن هذا النقاش قد يستولي عليك كلياً
ولكن غرابته في أن هناك دائماً من يراقب هذا النقاش ويحكم عليه ويعطيك
نصائح بشأنه وهو أيضا من الداخل لكن أنت لا تعرفه
أنت في الأصل لاتعرف أحداً من الداخل.
-
Mohamedيوجد بعض أمكنة وبعض ساعات !..من نام فيها مات.