نبي الله لوط (ع) ليس قريباً لنبي الله إبراهيم (ع)
نشر في 17 أبريل 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
يزعم أهل الكتاب، أن لوطاً عليه السلام، كان قريباً لإبراهيم عليه السلام، حيث جاء في التوراة، أنه لوط بن هاران بن تارح أو تارخ، وعلى هذا يصبح هاران والد لوط، أخاً لإبراهيم عليه السلام.
ولكن يجب أن لا نأخذ هذا القول على محمل الجدّ، فالتوراة قد أعربت عن فشلها، في مجابهة التاريخ، في أكثر من موضع من حلقاتها، ولست هنا لأتعقّب الأخطاء التاريخية في التوراة، وإنما سوف أحصر البحث عنها عن علاقة النسب المزعومة التي تربط بين أنبياء الله لوط وإبراهيم.
وقد تبع مؤرخوا أو رواة أو قصّاص المسلمين أهل الكتاب، فيما أدّعوه من هذه القرابة، دون تحقيق ولا تمحيص، هذا وهم يعدّون أنفسهم، أو يعدّهم المسلمون من كبار العلماء، وجهابذة المعرفة، ولكن مع الأسف، قد تستهوي هذه الأوسمة عامة المسلمين، ولكن عند مثقفيهم لا أظن ذلك! لأنهم لو كانوا علماءاً أو جهابذةً لما زلّوا هذه الزلّة العظيمة، وهم يقرأون القرآن الكريم.
فالقرآن ينفي أي قرابة نسب تربط بين لوط وإبراهيم، وهذا واضح جليّ، فقد قال الله تبارك وتعالى: (وَلُوطًا إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦۤ أَتَأۡتُونَ ٱلۡفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدٍ مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِینَ)
إذاً فهم قومه وعشيرته كما نصّ الله في كتابه العزيز.
وقال تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ).
وفي لغة العرب، أخو القوم منهم، فإذا قال رجل: أنا أخو بني فلان، معناه: من بني فلان نسباً، وأما المولى، فيقول: مولى بني فلان، وكذا الحليف يقول: حليف بني فلان.
وعلى هذا فكل خبر ورد فيه أن لوطاً ابن أخي إبراهيم، فهو باطل، وهو مما أخذه رواة المسلمون من أهل الكتاب، والقرآن العظيم هو الحكم الفصل في هذه المسألة فلا يجوز معارضته بالأخبار وإن صحّت، دام أنه لا يمكننا الجمع بينها وبين ما ورد في القرآن العظيم.
والذي يظهر أن لوطاً لم يقابل إبراهيم، إلا بعد هجرة إبراهيم عليه السلام إلى فلسطين، قال تعالى: (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ)، لأن سدوم موطن قوم لوط عليه السلام، كانت بجوار فلسطين، بل يقال أن موضعها اليوم، هو البحر، المسمى بالبحر الميّت، وماءه شديد الملوحة، بحيث لا توجد فيه حياة لأي دابة كانت، مما يدل على أن لوطاً عليه السلام، لم يقابل إبراهيم عليه السلام، إلا بعد هجرة إبراهيم، وقد التقى به صدفة في أحد أسواقهم، التي كانوا يجتمعون فيها للبيع والشراء، حيث كان إبراهيم عليه السلام، يستغل تلك المناسبات لدعوة الناس إلى دين الإسلام، والله أعلم.
ثم قال تعالى بعد ذلك: (وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وقوله: (وقال إني مهاجر إلى ربي) احتج به البعض، على صحة ما ورد في التوراة، من أن لوطا هاجر مع إبراهيم من أرض العراق إلى أرض فلسطين، بدلالة أن الله ذكر أن لوط آمن برسالة إبراهيم وهاجر معه، فجعلوا الضمير في قوله: (وقال إني مهاجر) عائد إلى لوط.
وهذا على الأرجح خطأ والصواب أن الضمير يعود هنا إلى إبراهيم عليه السلام، عندما كذّبه قومه، وأمره الله بالهجرة، خرج بمن آمن معه واستوطن فلسطين، وهذا كقوله تعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ) فالضمير في قوله: (ووهبنا له) عائد إلى إبراهيم عليه السلام، مع أن هذا القول جاء بعد ذكر لوط عليه السلام، فقد يستشكل على البعض ظاهر الآية ويعتقد أن الهبة كانت للوط، لولى أن الله أخبرنا بأن إسحاق ويعقوب من صلب إبراهيم عليه السلام.
وإن كان الضمير في قوله: (وقال إني مهاجر إلى ربي) يعود إلى لوط حقّاً، فهي لا تفيد أن لوطاً كان من قوم إبراهيم عليه السلام، وكل ما تدل عليه الآية، أن لوطاً آمن برسالة إبراهيم عليه السلام، ولم يذكر الله تعالى متى آمن لوط برسالة إبراهيم، وأراد الله تعالى أن يعذب قومه، أمره الله عز وجل بالهجرة إلى الموضع الذي أمر الله عز وجل إبراهيم بالهجرة إليه، لذلك قال تعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) فنجاة لوط إلى الأرض التي أمر الله إبراهيم بالهجرة إليها، إنما كان بعد أن أراد الله أن يعذب قولم لوط عليه السلام.
ومن خلال ما سبق، يتّضح لنا بجلاء، أن ما زعمه أهل الكتاب وقصّاص المسلمين، باطل، وأن لوطاً من أهل سدوم، وهو أخوهم، وهم قومه، إلّا أن الله اصطفاه وطهره من رجسهم، وهذا شأنه سبحانه مع سائر أنبياءه، يصطفيهم ويطهرهم من كل رجس وخبيثة ونقيصة، كي يكونوا قدوة للعالمين.
هذا والله أعلم وأحكم.
التعليقات
ولكن يجب أن لا نأخذ هذا القول على محمل الجدّ، فالتوراة قد أعربت عن فشلها، في مجابهة التاريخ، في أكثر من موضع من حلقاتها، ولست هنا لأتعقّب الأخطاء التاريخية في التوراة، وإنما سوف أحصر البحث عنها عن علاقة النسب المزعومة التي تربط بين أنبياء الله لوط وإبراهيم..
أريد نصا كتابيا من التوراة أو من الانجيل ؟؟؟
و هل للوراثة الجينية دخل في تركيبة منحرفي الأخلاق مقارنة بمن وهبوا النبوة في قيادة سيدنا ابراهيم الذي كما ذكر في المقال ينحدر منه لوط ؟؟؟
ما هو النص الفاصل في هذا النسب ؟ و من أين جاءت وراثة الانحراف للوط ما دام ابراهيم كان تقيا ؟هل هي من من قريب آخر من شجرة سيدنا ابراهيم أم من زوجاته ؟
و اريد نصا شرعيا مفسرا لعلماء من فضلك سيد صقر .
شكرا .