حرق المرضى والضعفاء...... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حرق المرضى والضعفاء......

هل حرقت النازية معهد الأورام؟

  نشر في 11 شتنبر 2019 .

المعهد القومي للأورام يعد من أهم المؤسسات العلمية والعلاجية المتخصصة في العلاج والأبحاث السرطانية ، حيث يرجع تاريخ إنشاؤه إلى عام 1959 ، وقد افتتح المعهد للعمل عام 1969 ، ولقد تكلف المعهد في تأسيسه مليون جنيه مصري ، وقد عمل في معهد الأورام أمهر الأطباء المصريين أمثال – الدكتور لطفي أبو النصر مؤسس المعهد ، وكذلك دكتور إسماعيل السباعي ، الذي أدخل أسلوب جديد لعلاج الأورام الخبيثة عن طريق الجراحات الجذرية .

                                                  صورة قديمة لمعهد الأورام

كانت الدولة المصرية في حقبة الستينات لا تزال رائدة في الطب ، ورغم شيوع القمع والأجواء الاستبدادية في تلك الفترة إلا أن الدولة كانت قائمة على دعم الفقراء وعلاجهم بالمجان ، حيث كانت مصر تمتليء بالمستشفيات المجانية الحكومية ، والبعض الآخر من المستشفيات كانت تقدم خدماتها الصحية مقابل أجر، فقد كانت تضع أسعار رمزية مقابل خدمة أفضل ، حيث كان المريض يقوم بحجز تذكرة بعشرة قروش ليتلقي مميزات أعلى ، وكان يتم إجراء العمليات الجراحية بأثمان زهيدة ، فقد كانت التكلفة تتراوح بين الخمسة جنيهات إلى مائة جنيه بالنسبة للحالات الحرجة .

لقد كانت مصر تمتلك التميز والمهارة في تلك الفترة ، حيث عملت الدولة في تلك الفترة في اتجاهين رئيسيين ، الأول هو التوسع الرأسي من خلال التحديث وبناء المستشفيات والتطور التقني لمنافذ تقديم الخدمة ، والاتجاه الثاني هو التوسع الأفقي من خلال مد الخدمات خارج نطاق المدن ، والمناطق الحضرية ووصولها إلى الريف والوجه القبلي .

                                  المعهد القومي للأورام في الحقبة الحديثة

وبنظرة واعية ، ومقارنة سطحية بسيطة بين العصور السابقة والوقت الحالي تبدو لنا الكارثة التي أصبح المصريين يعانون منها في القطاع الصحي ، ليس فقط في التكاليف المادية الباهظة بانتقال مصر من الإشتراكية السلطوية إلى الرأسمالية المتوحشة التي تنتقم من الفقراء ، بل تظهر الفاجعة نتيجة الفجوة الكبيرة في جودة الرعاية الصحية بالنسبة لمحدودي الدخل ، ولم تكن تلك العوائق وليدة اليوم ، بل إن ذلك بدأ منذ نهاية التسعينات ، لكن حادثة انفجار معهد الأورام أزاحت فقط الستار عن الوجه القبيح المحارب للضعفاء ، حيث تبدو الكوارث مضاعفة ، فإذا كان الحادث عشوائي وناتج عن الإهمال ، فكيف يمكن أن يصل بنا الإهمال والجهل إلى هذا الحد؟ ، وإذا كان الحادث إرهابياً مقصوداً ، فكيف تغير الفكر المتطرف إلى هذا الحد ليقتل ضعفاء يمكن أن يموتوا في أية لحظة دون التخطيط ، وبذل الأموال لارتكاب هذا العمل الخسيس والجبان؟

                                       صورة من داخل انفجار معهد الأورام

هل أصبح هذا نهجاً للنازيين في مصر ، حيث كان هتلر والنازيون يتململون من المرضى والضعفاء ، حيث كان يتم التخلص منهم بشكل مباشر ومستمر بغرض أن تتأسس دولتهم كما يعتقدون على نقاء الجينات الآرية للسلالة الألمانية ، فالمرضى والمعاقين ذهنياً أو جسدياً يعتبرون كما اعتقد النازيون عديمي الفائدة للمجتمع ، ولا يستحقون الحياة ولهذا استهدفهم النازيون في بداية الحرب العالمية الثانية ، وذلك من خلال وضع هؤلاء المرضى والضعفاء في حجرات غاز ، ثم حرق جثثهم في أفران كبيرة .

لا يستطيع أحد بأي حال من الأحوال أن يدعي معرفته بما وراء حادث معهد الأورام ، لكننا يمكن أن نستشف من خلال ما يمر به المجتمع من قضايا ومتغيرات ، يمكن أن يستشعر الأهداف والنتائج ، فقد انقسم المصريين إلى مجموعة من الطوائف ، والفرق المتناحرة منذ أن تم قتل حشود المعتصمين السلميين في ميدان رابعة العدوية، فكيف يمكن أن يتم بناء مصر على كل ذلك البغض والكره ، والتنافر .

لقد صرخ أحد الأطفال في هذا اليوم المشئوم منادياً أمه بأعلى صوت وهو يقول :(يا ماما اصحي بالله عليكي ) ، وفتاة جميلة في عمر الزهور سقطت قتيلة برصاص قناص الشرطة(أسماء البلتاجي) ، وشباب آخرين قتلوا وحرقت جثثهم في وضح النهار ، وعلى الجانب الآخر وقف مجموعة من النازيين يفرحون ويغنون بل ويرقصون على جثث القتلى ، لقد اصطدم كثير من المصريين في بعضهم البعض ، لقد انكشفت الوجوه الضعيفة والنفوس الهشة ، وتحول الوطن إلى مجموعة من المخبرين والوشاة ، حيث تحجج البعض بالخوف ، وآخرين بالجهل ، والبعض تحدث عن حتمية الطاعة للمؤسسات الأمنية التي يقدسها .

                        الطفل رمضان الذي انهار لموت أمه في ميدان رابعة

                                الشهيدة أسماء البلتاجي وهي في لحظات الاحتضار

القاعدة تقول : ما بني على باطل فهو باطل ، من الصعب أن يعيش مجتمع ويستمر في ظل التنازع والعداء المتبادل بين أبناء الوطن ، لقد كان لمشاهد القتل آثار عميقة في نفوس المصريين وترسبات لن يمحيها الزمان ، وستظل تلك الحقبة هي الصفحة السوداء في تاريخ مصر ، وسيكتب التاريخ كل الأسرار والخفايا لكل ما حدث ويحدث ، لأن البديهي أن تنتهي تلك المرحلة قريباً أو بعيداً ، لأن الزمان لا يتوقف ، وأوراق التاريخ تطوى مهما طالت.

رحم الله شهداء معهد الأورام ..... 


  • 3

  • عزة عبد القادر
    بدأت عملي كصحفية فأدمنت الكتابة بدرجة تجعلني مشتتة في عملي إذا لم أكتب ، حتى ولو كان في رأسي قصة تافهة ، فالكتابة تروح عن النفوس وتجبر القلوب ، اقول لماذا لا اكتب ، بدلا من إزعاج الناس لماذا لا نكتب ، وبدلا من ان نبكي ونحز ...
   نشر في 11 شتنبر 2019 .

التعليقات

Dallash منذ 4 سنة
لا حول ولا قوة الا بالله..موضوع للأمانة موجع..فعلا كانت مصر الرائدة في الطب فكل اطباء الاردن القدامى المشار لهم بالبنان تخرجوا من عين شمس ..الله يصلح الاحوال والله غالب على امره..دام حضورك دكتورة
3
عزة عبد القادر
الله يكرمكم يا أهل الأردن ، شكرا جزيلا لتقديرك ومدحك لمصر ، والله احنا كلنا بلاد عربية واحدة فرقت بيننا الحدود ، شكرا لك على حديثك ومتابعتك
Dallash
يا اختي هذه ارض الكنانة وكل ذرة تراب فيها غالية علينا ..اكرمك الله

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا