هل تزويج القاصر بعد اغتصابها حلّ إيجابي أم زيادة و تشجيع على الاغتصاب من جلاد الأمس؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هل تزويج القاصر بعد اغتصابها حلّ إيجابي أم زيادة و تشجيع على الاغتصاب من جلاد الأمس؟

في جريمة تزويج القاصر بالاغتصاب

  نشر في 15 ديسمبر 2016 .

قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا. صدق الله العظيم.

بقراءة سطحية و عميقة لمذاهب الفقه الإسلامي برمته سواء من بقي على قيد الحياة و من مات رحمه الله ومن في غرفة الإنعاش ينتظر مصيره ليرفع على نعش الفقهاء الأربعة.

لم اعثر و لن اعثر تحديدهم الفقهي و لو بالإشارة أو بالرمز و قد غابت عنهم جميعا الرمزية لعدم وجود بديع الكتابة الرواية المستحدثة كفنّ جديد إذ غاية الإدراك عندهم تذوق النص الشعري و عشقهم لشعر المديح النبوي كمطلع لقصيد البردة لكعب بن زهير:

بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ          مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ

وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا         إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ

                                       ***************

إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ ***مُهَنَّدٌ  مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ

في عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم *** بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا

زَالوا فَمازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ*** عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ

شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ*** مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ

بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ ***كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ

يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم***ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ

لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ  ***قَوماً وَلَيسوا مَجازيعاً إِذا نيلوا

لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ***ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ

و من طبيعة شعراء العرب بدأ القصيد بالغزل و إن كان الممدوح من الرسل لتركيبتهم النفسية من ناحية و لجمال المرأة في ذاكرتهم و مزاجهم و رقة قلوبهم بين التقدير و الإجلال مرة و أخرى بين الوأد و التقتيل و العنف المادي و المعنوي وهي ممارسة أنكرها عليهم القرآن بتغليظ اللوم و التوبيخ و التجريم إلا من تاب قبل التنزيل. كمثال الفاروق عمر في وأده خوفا من عار الأنثى و ما كانت الأنثى عارا لأغلب القبائل بل كرمت بلسان القران الكريم قال تعالى : "فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" و كرمت المرأة بالتكريم الأنثوي قال تعالى في سورة آل عمران : إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.

فالأفضلية في النص القرآني للأنثى دون الذكر باعتبارها ولادة الذكر، ولادة الرسل عليهم السلام، ولادة العلماء ، ولادة الصحابة ، ولادة الأبطال الفاتحين المجاهدين في سبيل تحرير الإنسان من عبودية الشيطان، ولادة العظام ، ولادة الساسة، ولادة المثقفين، ولادة الحرائر، ولادة المجتمع بكل أطيافه و مكوناته الفكرية و النفسية ومعتقداته المختلفة ذات المرجع الواحد الله جلّ جلاله . قال تعالى: "مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ"

و لقد أثبت المرأة عبر مراحل التاريخ المتنوع أنها مع الرجل حامية بشراسة للمجتمع في دينه و دنياه و سدا منيعا أمام التغرب و الاستغراب و لعلّ بهذا الفهم تحررت

قانون الشريعة الإسلامية لا يرى مانعا من تزويج القصر و قد مارسه الرسول صلى الله عليه و سلم بزواجه من السيدة عائشة الفتاة البكر الوحيدة في قرانه و استكمل الزواج شروطه الفقهية من الرضا و القبول و المهر و موافقة الصحابي الجليل ابا بكر و إستكمل صحة العقد الشفوي بالإشهار الرسمي على عادة وعرف العائلات القرشية. و إن كنت لا أطمئن إلى خبر السنّ و إن كان إبن هشام أورده و بإختلافات كثيرة تراوحت بين التاسعة و السادسة عشر و هي سن الطفولة البريئة و كثرة الخبر في مسالة واحدة في شخص واحد تحيل آليا للنقد و النظر و التعليل و مزيد الترجيح هكذا علمنا العلامة البحر المحيط عبد الرحمان ابن خلدون في نقده للتاريخ و علم الإجتماع. فالتضارب في خبر عمر السيدة عائشة رضي الله عنها مبعث للشكّ و الريبة علما و ان تدوين السيرة متأخر عن الأحداث و الوقائع كتأخر جمع القرآن الكريم على عسف النخيل بأمر من سيدنا عثمان بعد خوفه من ضياعه لموت حفاظه في مواقع عدة و بهذا الحفظ البشري العثماني حفظ المقدس خوفا تدنيس المدنس للمتربص بالنصّ و إن كان الحفظ السماوي تكفل بالتحصين لقوله تعالى : "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" بالتحصين المتعدد من اللوح المحفوظ موصولا برسول الوحي موصولا بالرسول بالحفظ الشفوي إلى ساعة التبليغ لثقاة متواترا من الواحد إلى الواحد إلى الجماعة التي يستحيل إجماعهم على التحريف و التزوير ، كما حدث لغيرهم من الكتب السابقة كالتوراة و الإنجيل لغياب الحصانة الربانية و ان تواترت بالإفراد و الجمع. و يحسب لعثمان الحسّ الإستشرافي و اليقظة التامة. كما يحسب لمعاوية ابن ابي سفيان تنقيطه للقرآن و توحيده للقبائل العربية في قراءة واحدة. و لعلها كانت فكرة التوحيد لأمة الإسلامية يومئذ و قد بدأت في التمزق من سقيفة بني ساعدة و اختلافهم في شخص الخليفة و ليس صحيحا وقوع الإجماع على خليفة في الحكم الراشدي لغياب تفعيل مفعول الشورى بين الصحابة و رموزهم و إختلاف المصالح السياسية لكل فريق. فلما غابت الشورى كنظام جوهري للحكم تمزق المجتمع الإسلامي الأول ركب كلّ هواه، و ظهرت الخوارج و الشيعة كأحزاب سياسية ناشطة بغطاء ديني و ما مقتل ثلاث خلفاء من أربعة على أيادي قيل مؤمنة و قيل مرتدة إلا دليلا على ذلك . فالاستبداد و إقصاء الجماهير في اختيار الحاكم مورث تاريخي فلا عجب تكراره بعد ذلك.

و مهم يكن من الأمر فزواجه لم يصطدم أبدا بالتعسف و الظلم على عائشة و في السيرة ما يوحي بالإنسجام و الاحترام و التقدير و إن شكك المستشرقون من المسلمين من تلاميذ الاستشراق و تعسفوا على الرسول صلى لله عليه وسلم في هذا الموضوع لإحداث البلبلة إنتصارا لمفاهيم غربية تقدس حقوق الطفل بقوانين رائدة و بتشريعات سباقة فالشأن شأنهم. و لن ينالوا من سيرته و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا .

و ما دفعني لكتابة هذا المقال ما صدمني من حالات الاغتصاب المتعددة و المتنوعة بحيوانية الإنسان الحيوان في كثير من وطننا العربي الكبير و ما أثار هذا الموضوع الحارق اغتصاب متبوع بزواج فالجلاد يرتبط بفضل القانون التونسي كأنموذج بالضحية حماية له من التتبع القضائي و حماية لها من العار و حفظ ماء الوجه و إن كانت المغتصبة و أهلها أمام الأمر الواقع لإنقاذ المغتصبة من قسوة المجتمع و حفظها من الرذيلة و قد باتت على أبوابها بقسوة الحيوان الشيطان من بني ادم . وقد استلهم الشاعر العربي التونسي الكبير أبو القاسم الشّابي في ديوانه أغاني الحياة من قصيد "ابناء الشيطان"

كم من فتاةٍ جميلةٍ, مدحوها ***وتغنوا بها لكـــي يسقطوهــا

فإذا صانتِ الفضيلة عابــــو ***ها , وإن باعتِ الخنا عبدوها

أصبح الحسن لعنةً, تهبط الأر***ضَ, ليغوى أبناؤها وذووهـا

ما يفجر هذه المعاني من أيام شبابه و الوضع المجتمعي غير هذا و يبقى الإنسان بخيره و شره هو الإنسان و هو لربه لكنود أي جحود لنعم الله فما بالك بالرأفة بالضحية الأنثى بعواطف الأنوثة الطبيعية في خلقها حتى تصورته ابن آوى في غابة غابت فيها أسودها.

لقد ظهر الشّابي كشاعر فذّ بتوصيف للمؤرخ الدكتور الفاضل الوزير الأسبق عليّ الشّابي أطال الله عمره و أكثر من إنتاجه الأدبي كرسول للأخلاق زاهدا في المرأة مع الإعجاب و التقدير و الشوق للجمال بروح الشعراء العذريين و في كتاب الدكتور علي الشّابي الأخير بعنوان أشواق و أذواق ما يملأ القلب و العقل في دراسة قيمة للشّابي المتصوف على نهج جده الشيخ عرفة الشّابي السياسي الصوفي و ولده احمد ابن مخلوف الشّابي مؤسس الحركة الصوفية بالقيروان في العهدين الحفصي و العثماني. و لا غرابة أن يكون أبو القاسم الشّابي صوفيا و قد رضع التصّوف من لبن آله صافيا سائغا نقيا تواصلا طبيعيا بالجينيات في علم الجينيات رغم بعد الزمان و اختلاف المكان بين موطنه توزر و موطن أجداده بالقيروان مسكنا و مدفنا و بعودة سريعة لموضوع المقال الرئيسي فالوضع الحالي بعد الإثارة و اختلاف الرُؤى وتنوع المقاربات و تعدد القراءات الفلسفية و النفسية الطبية و غياب القانون الصارم للضرب على وحشية العنف المسلط على المرأة من هنا و هناك فان التدخل للعلاج و التصحيح و التقويم أصبح متأكدا بالقانون الأخلاقي و العرفي و الشرعي و الدستوري حماية للمجتمع من إمراض فتاكة "الاغتصاب".

و السؤال المطروح بشدّة الذي لا يقبل التأجيل هل تزويج القاصر بعد اغتصابها حلّ إيجابي أم زيادة و تشجيع على الاغتصاب من جلاد الأمس؟

أما و القضاء التونسي قبل بلملمة الكارثة و أذن بعقد الزواج و التنصيص عليه بدفاتر الحالة المدنية و هو مخرج يراعي الحالة و يستر الفضيحة و يبني على المستقبل المجهول. و ينقذ الجاني من الجزاء و العقاب لجريمة جزائية معتديا على مجتمع بأكمله بل على الإنسانية جمعاء. فم قتلها فقد قتل الناس جميعا و القتل المعنوي اقوي من حد السيف إما شرعيا و أخلاقيا و عرفا و قانونا دستوريا فالاتقاف حاصلا على الاستنكار و الإدانة و التجريم لقبح الفعل بالاعتداء المهين لكرامة البشرية جسديا و ماديا فالاغتصاب هو فعل القوة من القوي على الضعيف و قد رفضته الأديان كلّها و استنكرته النفوس الأبيّة في الأرض و رفعت مظلمة المظلوم إلى السماء ليس بينها و بين الله حجاب.

و السؤال الفاصل كيف الخروج من هذا المخرج أمام الوضعية المستعصية؟

تعديل القانون التونسي المجيز لتزويج المغتصبة لجلادها بالرفض و المنع و العقاب الجزائي وهذا من ناحية مطلب مشروع و مطلوب من المجتمع المدني و الجمعيات الحقوقية و أطياف المجتمع التونسي بكل مكوناته الفكرية إلا من تواطئ مع الفكر الذكوري الرجعي الظلامي المؤمن بالحرابة و الجهاد وزواج المتعة و الزواج العرفي الباطل قانونا و بالعبيد و العبودية و فرض الجزية لأهل الذمّة الأقلية بعقلية الفقه اليائس الفاشل و البائس. و إن قيل هذا حديث علماني و قد قيل. فانا زيتوني علماني احترم الأديان و الإنسان في الكونية قال تعالى في كتابه العزيز : "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"       



   نشر في 15 ديسمبر 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا