السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، نحمده تعالى حمدا يليق بجلاله، و نستغفره و نستهديه، و نعوذ به من شرور أنفسنا، و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، أنزل كتابه بلسان عربي مبين، قيما لا عوج فيه، و أشهد أن سيدنا محمدا عبده و رسوله، بين معانيه و آدابه، صلى الله عليه و سلم و على أهله، و من اتبع سنته و اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

و بعد؛ فإن التراث لبنة مركزية في معمار الثقافة العربية، فهو صورة حقيقية للجهود الفكرية العربية المتقدمة، و منه يلزم أن تكون انطلاقة كل جهد معرفي راهن، يهدف التأثير الإيجابي في مسيرة الفكر الإنساني.

هذا؛ و إن هذا التراث شمل ضروبا من المعارف و العلوم التي يمكن حصرها في مجالات ثلاثة كبرى هي:

- المجال الديني، عقيدة و شريعة.

- المجال اللغوي و الأدبي.

- المجال العلمي التجريبي.

نعم؛ إن من يتأمل كتب الفهارس، سيقف على قدر وافر من المخطوطات التي تجمعت للأمة العربية، على نحو عز نظيره لدى الأمم الأخرى، بيد أن الانتفاع بهذه الثروة لا يتأتى إلا بخطوة مركزية هي التحقيق.

ذلك بأن هذه العملية تُربي فوائد جمة منها:

- أنها تنقل الكتاب من حالة الكتاب المخطوط النادر إلى حالة الكتاب المطبوع المتداول.

- أنها تضع أمام الدارسين مادة صالحة لتأسيس آراء علمية رصينة في قضية من القضايا العلمية.

و في هذا الاتجاه وقع اختياري على القيام بقراءة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في تحقيق مخطوط لغوي أدبي موسوم بعنوان: "التنقيب على ما في المقامات من الغريب" و هو شرح لمقامات الحريري، ألفه محمد بن عبد الله بن محمد بن ظفر الصقلي المكي المتوفي سنة 565ه/1170م للدكتورة لمياء شفيق.

و قد اقتضت مادة البحث و منهجه، أن تشتمل هذه الرسالة على مقدمة و قسمين؛ يتضمن القسم الأول على الدراسة: و فيه فصلين و خاتمة، و يضم القسم الثاني النص المحقق.