استيقظي من سباتك - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

استيقظي من سباتك

  نشر في 15 أبريل 2019 .

بالأمس حلمت حلم أيقض في أعماقي أشياء كثيرة ، كان الحلم عبارة عن شاشة تلفزيون ينبثق منها صوت اعلامية جميلة تخاطب صديقتي الكاتبة القديمة ، تذكرتها فوراً ، صديقتي الذي كنت انصحها على الدوام بأن لا تفلت القلم من يدها و أن تكتب كثيرا و تقرأ كثيرا كي تكون و تصبح و تصل إلى القمة ،، كانت تتحدث بكل فخر عن روايتها الجديدة و التي كان عنوانها قاسٍ جداً على امرأة مثلي ( استيقظي من سباتك )

و استيقظت فوراً و أبعدت يد زوجي التي كانت ملتفة على رقبتي ، لطالما طلبت منه أن لا يعيد هذه الحركة المستفزة مرة ثانية و لكنه عبثاً يعيدها و يكررها مراراً كما لو أنه يحاصرني من كل جانب ، ثم قبلت طفلتي الصغيرة ( سكرتي اللذيذة ) و انسحبت من مشهد الحياة الزوجية السعيدة و ركضت فورا إلى الغرفة المجاورة كي أبحث عن رواية صديقتي فالإنترنت و وجدتها بسهولة لأنها كانت منتشرة بشكل كثيف و قد نالت إعجاب الكثير ، ثم كان لها غلاف بسيط لامرأة ذو عينين تعيستين و جسد يشبه الإجاصة و حاجبين ثقيلين و كانت تطير حولها ابنتها الصغيرة حيث كان لها جناحين كأجنحة الملاك الصغير

لا أعلم لما شعرت أنها تشبهني ؟ على أي حال لم أهتم كثيراً باللوحة الغريبة التي كانت تتخلل الغلاف فكل لوحات القرن السادس عشر هكذا فهم يخلطون كثيرا بين البشر و الملائكة حتى أنهم يظنون أن بعض البشر في ذلك الوقت قد ولدوا داخل صدفة بحرية و البعض الأخر ولدوا بعد أن تشاجر الملائكة و الشياطين فالسماء ....

الإهداء

صديقتي العزيزة إن كنتِ تظنين أن الحب هو البطاقة الائتمانية التي يعطيها لك زوجك بابتسامة خفيفة بعد أن يشعر أن لك رائحة تشبه الثوم فانتي مخطئة ، و إن كنتِ تظنين أن النجاح هو تحضير وجبة طعام لذيذة فانتي مخطئة أيضاً ، و إن كنتِ تظنين أن الفن هو تصوير تلك الوجبة اللذيذة و نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي فانتي سطحية ، و ان كنتِ تظنين أن الحرية هي الرقص بشغف في حفلات الزفاف التقليدية فأنتِ غبية .... )

أتذكر قبل سبعة أعوام تقريباً كنت قد قابلت صديقتي الكاتبة و رحنا نتمشى في شوارع المدينة و كان الطقس مجنون بالفعل مثلما وصفته هي ، تارة تصبغنا الشمس باللون الأصفر و تارة تزرق بشرتنا بعد أن تداعبها النسمات الباردة ،، المهم فالأمر و الذي جعلني أتذكر هذه الذكرى البعيدة هو أنها لطالما كانت تحلم أن تتزوج ، و أن يصبح لها أطفال يزقزقون حولها و أن تعد الوجبات اللذيذة لحبيبها الذي سيصبح زوجها قريباً مثلما أكدت لي و كنت أنا أرمي بأفكارها اللعينة عرض البحر الهائج أمامنا ، و كنت أوبخها لأنها كانت تظن أن السعادة و النجاح هو بعض من أحلامها البريئة هذه ...

كنت أدفع لها بكتبي بعد أنتهي من قراءتها و كنت أسعد جداً عند قراءة بعض من قصائدها القصيرة فرغم أفكارها المحدودة فهي تملك إحساس قوي بالكلمات و لها ذكاء في انتقاء الحروف و العبث بالقارئ و كنت أغرقها بإطرائي الذي لا ينتهي و أنتقد أعمالها نقداً إيجابيا بطبيعة الحال حتى أنني ذات مرة انتزعتها من فراشها و ركضت بها و قصصها القصيرة إلى أقرب دار نشر و عرضتها على مدير تلك الدار و الناشرين و ناقد ذو عينين فارغتين و كانت هي تنظر إلى الباب ثم تهمس في أذني لن ينجح الأمر و كنت أؤكد لها أن الأمر سينجح و نجح الأمر فعلاً

أما الأمر الذي لم ينجح هو أنا ،، على الرغم من أنني كنت أسخر من أفكار صديقتي فتلك الأفكار قد ارتدني بعد أن غادرتها ، و فالوقت الذي كانت تحضر فيه روايتها الأولى كنت أنا أحتضر في حفلة زفافي و بعد أن أنجبت هي كتابها كنت قد أنجبت طفلتي الأولى و ابتعدت عنها و عن معتقداتي و مكتبتي الصغيرة ، و صرت مثلما كتبت في اهدائها المتعجرف أصور الأكلات اللذيذة و أنشرها في حسابي على الإنترنت حتى صار لدي الكثير من المتابعين و كنت أسعد كلما خرج زوجي من المنزل فهو لا يهتم كثيراً بما اقوم به و أنا لا أهتم به أيضاً فأنا متزوجة من متابعين حسابي حتى أنني أنشأت حساب لطفلتي الصغيرة و قد لاقى إعجاب كبير لما تمتلكه من جمال عينيها التي ورثتها من والدها يا للأسف كم أنا سطحية

الآن انتهيت من قراءة رواية صديقتي و سأكتب عنها نقد لا يقل عن أربعة صفحات و سأقدمه لها كهدية شكر على ما فعلت روايتها المتواضعة بي ، لقد أيقظتني فعلاً و مسحت غبار التعاسة على زجاج روتين حياتي المملة ..

كنت السبب في أن يكون لصديقتي كرسي في طائرة الأدباء التي تحلق بعيداً و ها هي الآن السبب في أن أنتزع حياتي من حياتي و أن أعود لمكتبتي حيث بإمكاني التحليق عالياً ، هكذا هم الأصدقاء كشجرة تسقيها ثم تنام على ظلها الكبير

الوقت لم ينتهي بعد ،، أخر كلمات الرواية ...

الوقت لم ينتهي بعد كي تحققي أحلامك ، الوقت لم ينتهي بعد كي تنفضي الحزن من على جسدك ، لازال فالرياح متسع لصراخك ، لا زال فالبحر أشرعة لنضالك ، لا زال فالزهر رائحة لقلبك ، لازال فالورق مساحة لأصابعك ، تعلمي الرقص على منصة الحياة ، تعلمي المشي فوق الماء ، استيقظي من سباتك ....


  • 6

   نشر في 15 أبريل 2019 .

التعليقات

Menna Mohamed منذ 5 سنة
ابدااااع مستعدة اصفق لكي بلا نهاية.. سكنت عبارتك الرائعة الفؤاد.. و الهمت ارواحنا صبرآ و سكينة.. واصلي ايتها المبدعة يا من اخذتي ارواحنا معك نحلق داخل دائرة الاحداث.. بالتوفيق يا عزيزتي ❤
1
maryam_lotfi
شكرا عزيزتي كلماتك تركت في نفسي أثر كبير للغاية،، دوما بحاجة الي هكذا نوع من التحفيز الذي يدفعني دائما الي الكتابة اكثر
تلتف الكثير من الأشياء حولنا منها الأفكار ومنها الذكريات ومنها الكلمات والأصدقاء ولكن جميعها ليست كضمة زوج محب حول عنقنا ..حتى الكتابة دفئها ليس في مغادرة الضوء لجسدنا وإنما لفكرنا نعم ولا طاقة لأجسادنا وعقولنا إن لم يكن محب مشاركا لها مشاركة اتحاد تكاملي للهالة .
0
مقال في غاية الجمال وان كان تنقصه شيئا من المصطلحات العربيه ولاكنه جميل جدا
1
maryam_lotfi
شكرا لك جزيلا على اطرائك الرائع
رائعة جدا
1
maryam_lotfi
شكرا لك

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا