يعد الإتجار بالمخدرات من أكثر القضايا تعقيدا، وأكثرها اهتماما لدى الرأي العام العالمي، فمرجوا المخدرات يهدمون المجتمعات بتدميرهم لشبابها وجعلهم كالآلات المغيبة التي لا هم لها سوى الحصول على الجرعة.

ولكن الغريب أن العديد من تجار المخدرات الكبار يفلتون من القضاء بسبب الثغرات القانونية التي يتمكن محاموهم من استخدامها.

بينما -غالبا- ما يتم القبض على التجار الصغار والموزعين، فنحن في مجتمع غريب الغلبة فيه للأقوى وكأنه مجتمع الغاب.

ولست هنا أبريء الموزعين أو صغار تجار المخدرات، بل تذكرت مثلا حتى في الأفلام السينمائية وأفلام الإنمي، يتم القبض على أصحاب أبسط الجرائم بينما رؤوس العصابات رغم معرفتهم لهم فهم يظلون طلقاء وأحيانا يتم تصوير تعاون بين المحقق أو الشرطي ورئيس العصابة.

ففي ثمانينيات القرن العشرين اشتهرت قضية الملياردير الأمريكي "دي لورين"، الذي أفلس مصنعه للسيارات في إيرلندا، فلجأ إلى عقد صفقة "كوكايين" هي الأضخم وقتها، ولكن عملاء الاستخبارات من وحدة مكافحة التهريب تمكنوا من تسجيل حديثه والتقاط صور وفيديوهات له وهو يتسلم البضاعة، وظنوا أنهم هكذا قد تمكنوا منه وليس له من سبيل للخلاص.

ولكن طبعا تمكن محاميه من استخدام الثغرات القانونية المناسبة، وادَّعى أن موكله راح ضحية مؤامرة استخباراتية لتصفية حسابات شخصية، وأنها استغلت أزمته الاقتصادية وقدمت له إغراءات عن طريق مستأجريها الذين تمكنوا من اقناعه بالصفقة، وإلا كيف تمكنت الاستخبارات من تسجيل كل شيء يتعلق بالصفقة من بدايته؟!

واحتج محامي "دي لورين" في مرافعته الشهيرة على أن دولة مثل أمريكا لا يجوز لها أن تغرر بمواطنيها ثم تدينهم!!! وإن كان هناك من مذنب في هذه القضية فهي الدولة!!! وأنه لا يحق لها أن تكون في صف عملاءها وإن كانوا من الاستخبارات، وعليها أن تكون في جانب الحق!!!

وجاء بعدها القرار التاريخي من لجنة المحلفين في صيف 1984، والقاضي ببراءة "دي لورين"، القرار الذي كان صادما ومذهلا للجميع، وكانت هذه من أغرب وأعجب قضايا تجار المخدرات في القرن الماضي، وإن كان الرأي العام وقتها قد تقبل قرار المحلفين واعتبروه منصفا!!!

وأنت في رأيك هل هذا قرار منصف؟! هل تعتقد فعلا أن الاستخبارات الأمريكية قد حاكت هذه المؤامرة ضد "لورين"؟! أم أن ملايينه هي التي جعلته يوظف أشطر المحامين للتملص من جريمته؟! تُرى لو كان المتهم شخصا آخر هل كان قرار لجنة المحلفين سيكون نفسه؟!!

أنتظر آراءكم 💐