لم يكن سوى عمود إنارة وحيد ولا أستطيع الإقتراب منه، فرغبتي لأستضيء بضوئه لا يمنعها مسافة، إنما موانع غير مرئية.
نعم لا أرغب تحديدا بأن يضيء عتمتي لاكتفائي الناقص بروية عطاياه من مكاني، ولكن بعض خيوط قلبي المتمردة تفضح رغبتي.
لا يزال الوحيد في كل الشوارع صامداً رغم استسلام الجميع، لم يكن أنانيا أو نظاميا ولكنه كان يستأنس بالعابرين ويثير عطاءه المقدرين، باستغنائهم عن البدائل عند عبورهم، والمتشردين مع هزائمهم، ونظرات الإندهاش التى ترتسم على ملامح الأطفال عندما ينتظرون انطفاءه ولا ينطفي.
(هو الوحيد الذي ينطفى بعد أن يلتقي بالشمس..)
في تلك الليلة كنت بحاجة لمن يرشدني بعد تشتتي، فتفاجأت بصوته قبل أن أخرج كلماتي! فقال:" يا بنيتي الأبواب لا تحفظ صاحبها أمام الكلمات؛ لأنها بطبيعتها يصعب ترويضها؛ لذى يسهل تسربها من خلال الأبواب.. نعم نعم لا تقوليها ولكن لا مانع بأن تخرجيها على هئية سائل، فقط اسمعيني حتى النهاية.
أتعلمين سبب بكاء سعاد عند طلبك حلاً؟؛ لأنك ذكرتيها بمآسيها التي تحاول تناسيها، مشكلتها بأنها لا تواجه حسب تتهرب منها؛ لذى فإسقاط الأحجار على أبوابها المغلقة تجدد جراحها، وماضيها، مهما حاولت أن تغطئه بطبقات عازلة لن تستطيع عزل نفسها منها وأكبر دليل هو (هي أمامك) من صوتها وحديثها وتلك النظرات التى تشرد عندما تمس بعض الكلمات أشيائها الداخلية.
أعلم بأن نجلاء أرعبتك بتلك الكلمات، كنتِ ترغبين بكلمات تريحك، ولكنها صعقتك بتخريفاتها لا تقلقي، لو أنها تعلم بما سيحدث مستقبلا لحفظت نفسها.
سأقولها لكِ...أعلم بأنكِ تودين لو أن المسافات تدنو، لكنها صدقيني تحفظنا، فالحل الوحيد ليس إدارة ظهرك مثلما فعلت سعاد، ولا خداعك لنفسك مثل نجلاء، حسب حاولي أن تجدي حلاً مقنعا يريحك من فوضى المستقبل الذي ينتظرك، وتلك الكلمات التى سمعتيها وانتِ عابرة، اصبري عليها حتى تفضح نفسها؛ لذى لا تفكري بها.
التعليقات
تحياتي .