لستُ بذاك الذي يطوع الحروف لمصلحة نصه،أو يُحبر كلامه،فتخرج العبارات كما لو كانت ألماسًا

الآن لنُجيب علي السؤال لماذا نكتب؟

قبل ذلك فكثيرٌ منا يكتب لأنه يُحب ذلك،لا يُراعي موهبته ويُثقلها،لا يسعي لأن يكون علمًا كالسابقين أمثالُ العقاد،أو قل فرانتس كافكا،فماذا ملكوا أكثر منا سوي أنهم سعوا لتتويج موهبتهم فصاروا أعلاما.

اكتب علي هاتفي،أوراقي،وجدران غرفتي،في الجامعة،وفي العمل حيث أجد نفسي بين الكلمات واُحدد ملامحها وتسرح روحي في ملكوت الموضوع.

اكتب للذين لا استطيع رؤيتهم،اكتب لجدي المُتوفي،اكتب لصديقي الذي ضللت الطريق عنه،اُثرثر مع جارة القمر.

اكتب لأرسم الإبتسامةَ علي وجوههم،أُخبرهم بما لا استطيع قوله في حضرتهم معي،أحيانًا يخذُلني لساني فلا تخرج الكلمات مني فاكتب مُضطرًا لأصحح موقفي البائس أمامهم.

اكتب فكما في الخيال بعضٌ من حياة،فإن الحياة كتابة .

بين السطور يُزال فارقُ الزمان والمكانُ بيننا،كألفٍ و أربعمائة وأربعين عامًا هي الحاجز بيني وبين النبي،فاكتب له وأُحدثه وكأنني تشرفت بالوقوف أمامه،أخبره بالكثير وبالأُمنيات و الأحلام،أخبره بالشوق والحنين.

اكتبُ لأن الرحلةَ طويلةٌ والسفرُ شاقٌ والذكرياتُ تستحقُ حملها في دفاتري

اكتب للتفاؤل،للأحلام،والحاضر،اكتب حتي لا أتوه مع التائهين في الدنيا،حتي لا أكون من الذين جاءوا ورحلوا وقد ضل سعيهم فراحت ذكراهم معهم في التراب.

اكتب لأسافر بنفسي فأجدني تارةً في الروضة،وتارةً في القُدس،وأخري علي القمر أجلب صاحبته لتجلس لجواري فأخبرها أنها وطنٌ يستحق الوصل والحماية وأنني جنديها الأصيل الذي يقاتل حتي آخر أنفاسه،يحدوه أملٌ بالوصل واللقاء،وسينتصر.

اكتب للكثير،والسؤال الآن لماذا تكتُب؟