حتى نضع النقاط على الحروف، بعيدا عن الصراع الايديولوجي المقيت، فكمية الكراهية المنتشرة هذه الايام تنذر بكارثة، و تنذر بمستقبل اسود ينتظر الاجيال القادمة نتيجة مشاكل لم يحلها الاجداد و اتبعوا فيها سياسية الهروب الى الامام، و التي بدورها تساهم في تعميق الجراح بدل المساهمة في شفائها.
ان الامازيغ هم السكان الاصليون للجزائر، و بالتالي فان قول اي جزائري اننا امازيغ ، و عربنا الاسلام هو انتقاص من حق هذا الامازيغي في الوجود، و تهميش و تدمير له و لتقاليده التي توراثها عبر الاجيال، و اختصار الجزائر في "العرب" و رد فعله -خاصة المتعصبين من الامازيغ- المطالبة بطرد"باقي عابري السبيل" و طرد "العرب"ممَن استوطن ارضه، و دمر هويته، هو رد فعل طبيعي نتيجة لهذا القول،و نتيجة لممارسات النظام السياسي و السياسيين منذ ما قبل الاستقلال، فحينما يتجاهل بيان اول نوفمبر الكيان الامازيغي هذا يعتبر هروب الى الامام، و حينما يقوم نظام سياسي ما بسياسة تعريب ما لا يُمكن تعريبه هذا كذلك هروب الى الامام، و حين يُقتل المتظاهرون في 1980 و 2001 فهذا كذلك هروب الى الامام، اذن فما يحدث من صراع هنا هو نتيجة تلقائية لعدم حلنا مشاكلنا في الماضي، و تركها لتتعفن فيخرج علينا اشكال كفرحات مهني، و الاكاديمية البربرية ، و دعاة طرد "العرب" من الجزائر!!
بالمقابل لا يعني تعرض الامازيغ لهذا التعتيم و الطمس في الهوية، لا يعني اطلاقا ان المارون على هذه الارض الطيبة دخلاء فقد احتضنهم الامازيغ و اسلموا و تصاهروا و تحابوا و تآخوا و وصلوا الى الاندلس،و أسسوا مماليك و دول من تيهرت الى بجاية، و طردوا الرومان و الاسبان و الفرنسيس، فما اصبح يجمعهم اكثر بكثير مما يفرقهم، و الامازيغ كانوا و لا زالوا جزءً اساسيا من الكيان الجزائري من ابن باديس الى مفدي زكريا فمولود قاسم نايت قاسم و القائمة طويلة جدًا..
و قد تعرب لسان اغلب الامازيغ نتيجة عوامل عديدة و تمكنوا من اللغة العربية افضل من العرب انفسهم، و دافعوا عن اللغة العربية "كغنيمة دين" و حتى كمكسب استطاعوا بها ولوج عوالم اوسع و ساهموا بها في تطوير لغتهم الام الامازيغية، و اختاروا الميل لأمتهم الاسلامية و العربية كامتداد جغرافي، و تاريخي، و عقائدي عن قناعة، دون التخلي عن هويتهم الامازيغية و عاداتهم و تقاليدهم .
وبالمقابل هناك عرب عاربة على ارض الجزائر،و ليسوا بامازيغ، و هذه الحقيقة التي يجب ان يعلمها الامازيغ كذلك، هم كذلك جزائريون، لهم ما لهم و عليهم ما عليهم، حاربوا تصاهروا و تآخوا مع اخوانهم الامازيغ، حتى ذاب الامازيغي و العربي في بوتقة واحدة اسمها الجزائر و دفعوا ضريبتها اكثر من مليون و نصف المليون شهيد..
فمن الظلم كذلك مناداة بعض المتعصبين "الامازيغ" لطرد "العرب" و زعم انهم ضيوف غير مرحب بهم، و انه يجب عليهم الذهاب الى اليمن و السعودية !! فماذا تنتظر منه الا رد فعل مواز ينفي مثلا وجود "الامازيغ"!! مثلما نفى بعض الامازيغ وجود " العرب" الى غيرها من التُهم و تبادل السباب و الشتائم التي لا تخدم اي جزائري على هذه الارض الطيبة..
امادمنا لم نتعلم بعد كيفية العيش معا بسلام،و تسامح،و تقبل ثقافات و تقاليد الآخر مهما كانت، و اعتبارها ثروة حقيقية من "الزفيطي" البوسعادي الى "تيكربابين" لبجاوي و من "الجبة" لقبايلية "لحايك مرمى" القسنطيني ، و من " الجود والكرم" النايلي "للرجلة و النيف" الشاوي،ونُصر على تبادل و توزيع التهم الباطلة و الجاهزة هذا " زوافي" و هذا "بنو هلال"! فان مصيرنا الاكيد الى الزوال.
و في حين الدول المتطورة مُنهمكة في تدريس اولادها علوم الذرة و النانو و ميكانيكا الكم و الزمكان، مازال البعض من العرب و الامازيغ يتبادلون الشتم و السب، و ينزعون الوطنية عن بعضهم البعض و لم يتعلموا.. و لن يتعلموا كيفية العيش معا كاخوة ..و لهذا سيموتون معًا..كالأغبياء.
التعليقات
تمنيت لو وضعت مكان كلمة أغبياء كلمة حمقى ، لأن الغباء يستدرك بالوعي و التعلم أما الحماقة فلا علاج لها..صدقت معاذ ما كتبت من حقائق ، بالفعل خهذا هو شتات العرب و الأمازيغ ، و لا أعتقد أنهم سيتفطنون الى حقيقة مهمة و هي التوحد لأجل الجزائر
شكرا لك على هذه الالتفاتة المهمة..