أخيرا تزوجت ..و لكن.. ؟
تزوجت اخيرا ..
نشر في 25 يونيو 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
تزوجت اخيرا
.. رغم انني كنت اعتبر الزواج بالنسبة لي آخر شيء يمكن ان اقدم عليه..
..و لكنني تزوجت و انتهى الامر .. و جئتكم اليوم لأقدم إعتذاري
..لكل من أعرفه أو يعرفني .. و يعرف مدى حبي له ..
و لم أدعوه لحضور حفل الزفاف الذي أقمته بداخلي .. عذرا إن نسيت أو تناسيت .. فماذا عساي ان افعل وسط آلاف الارقام و الهواتف ..كي لي أن أقسم مئة دعوة وسط حشد يضم الف شخص
..كيف لي ان أعدل و بطاقات الحياة لم تكن عادلة معي .
. عذرا لكل شخص عنده انتهت بطاقات الدعوى ..و سلات الحلوى .و كعكة الزفاف الاولى
اتمنى ان تفهموني .. و تتقبلو اعتذاري .
.قبل عشر سنوات من اليوم كنت اعتقد اني لن اتزوج مهما حجزتني الحياة بين اركانها .. مهما طاردني الحب بين ازقتها و ممراتها ... و مهما إستوقفني الجمال كل مرة عند شطآنها .. كنت اعتقد ان لي صلابة الفولاذ..
ظننت اني أملك قلبا من حديد
و لكني إكتشفت ان كل ذلك كان مجرد .طلاء فضي علق بجدران قلبي
..عندما قام أبي بطلاء جدران غرفتي ذات يوم .
. إكتشفت الحقيقة متأخرا بعد ما آمنت بما انا قادر على فعله بقلب من حديد كم كنت احمقا حينها ....
مثل بقية شباب هذا العصر ..كنت أحلم كثيرا .. اتشبث ببصيص الامل الوهمي .و أوهم نفسي كل يوم باني اقوى من كل شيء .. و سيبقى الصمود عنواني .. و لكن ماالذي حدث معي بالنهاية .. إستسلمت و تزوجت ..و اصبحت بعد كل تلك الصراعات أبا لولد و إبنة و زوجا ﻷم طيبة ..
كنت اعاني و لكن في صمت .. فالزواج و الاسرة بقدر ما منحاني الكثير ..بقدر ما سلبا مني الكثير الكثير ...
لقد اصبحت اليوم اسير بلا خطوات ..لم يعد لخطواتي اثر فوق طريق النجاح ... بعد إنهيار الجسر السري الذي كان يربط بيني و بين جزيرة الحلم .. الاحلام التي كنت بالأمس أنظف زجاجها و ألمعه ..تكسرت و لم يبقى منها شيء .. أمنيات محطمة و احلام مؤجلة ..انتهت صلاحيتها
. تزوجت وكنت سعيدا في نظر كل شخص إلا في نظري .. كنت اتعس شخص في الحياة ..
أمشي مطأطئ الرأس أبحث في الارض عن بقايا الحطام الذي خلفته مرآة أحلامي بعد إنكاساراتها المتلاحقة .. عن فتات او شيء من الفتات ..
كانت حياة وهمية و حلم معلق و واقع ضيق لم يكن من مقاسي يوما ..
قبل عشر سنوات من اليوم .. كنت اعيش كل يوم على سطح الامل ..
و اجري وراء سحاب الحلم .. حماسي الزائد جعلني أحلم فوق قدرتي .. و لم اتمهل ..
اردت ان اصير كاتبا او اديبا .. ذات يوما حلمت انني اصبحت رساما مشهورا .
.حلمت كثيرا صدقني ..
و لكني إبتعدت كثيرا حتى رأيت نفسي ذات يوم طيارا ..
و يوما تلاه طبيبا.. و آخر ممثلا و مخرجا معروفا
تماديت .. و حلمت بالكثير ..
.احلام وردية ..ذبلت زهورها و تلاشى عبيقها مع مرور الوقت ..
تزوجت و انتهت اشياء كثيرة بحياتي .. كان الجميع يهنئني بهذه المناسبة السعيدة ..لم يكن زفافا في نظري
.بل...... كانت..''نعم لم يكن زفافا ...و لم تكن تهاني ...
كانت جنازة بالاسود و الاسود
..بذلك اليوم تلقيت الكثير من التعازي .. ارى كل شيء من حولي .. شموع
و شمعدان ..ضحكات .. وقبلات ..زغاريد و سعادة تستحوذ على المكان ..
الكل يتمنى لي اشياء ..و أشياء ..
الكثير من الامنيات
إلا إستعادة احلامي بعد الوفاة ..
.انوار و اضواء تملأ المكان
صيحات و ضحكات تبدد السكون حول مكان لم اكن انتمي اليه .. حاضر بجسدي لا اكثر .. ..
..بكيت كثيرا ليلتها..
سمعت البعض يقولون وهم يحدقون الي ..
إنها دموع التماسيح ..
و البعض الآخر يقول .
.إنها دموع الفرحة.. و السعادة ..
ولكني إنتفضت .. صرخت و قلت .. إنها دموع الحزن و الفقدان ..
ما أصعب أن تفقد جزءا من روحك و تتخلى عن قطعة من جسدك ..و تعيش بربع ذاكرة ..
لا تتعجبوا و لا تتساءلوا أكثر ..
من حقنا نحن البشر ان نضحك كما من حقنا ان نبكي ..
لهذا دعوني ابكي ..اتركوا الدموع و شأنها ..فهي افصح مترجم ....حين تتعلثم الالسنة و تغيب الكلمات .. و يقف العقل حائرا أمام وابل من المكبوتات .. تنوب الدموع عن الجميع .. و تحاول بلغة غير مفهومة ان تقول كل شيء .....
كل شيء عن الركام بداخلنا ..
دموع احلام دفنتها في مقبرة مهجورة هناك بداخلي .. و وضعت فوق ذلك القبر زهورا قالوا عنها أنها تساعد على النسيان .. آمنت بالفكرة رغم غرابتها . .. المهم اني قمت بكل الطقوس و لم انسى أصغر التفاصيل ....
قطعت تفكيري . ... و هي ترتمي الي من بعيد . ..
عانقتني عناقا حارا و ضمتني اليها بقوة و كانها أحست بشيء هناك يحدث باعماقي...
...وقالت بصوت دافيء .. مفعم بالحب بالحياة .. بالأمل الذي فقدت إيماني به .
.لا بأس يا بني ..
لما كل هذا الحزن ..
حياتنا أقدار .. و قصة مكتوبة .. ليس من حقنا ان نغير في شيء منها
. فقط لنا الحق في القراءة بصوت منخفض لا اكثر . ..
عانقتها بدوري .. كانت كلماتها تلك مثل منبه ..
ايقظني من سبات عميق و أنقذني في آخر اللحظات من بين ايادي الحزن الضارية .
. رغم ان امي لم تلتحق بمقاعد الدراسة يوما .. ولكنها كانت في عيني مدرسة ... تبني معارفها على تجربة السنين الطويلة .. و صراعاتها الدائمة مع الزمن ..
لقد مضت على كل هذه الاحداث المتسارعة .. عشر سنوات ...
عشر سنوات مضت و لكنها في عقلي و قلبي بقيت .
.و لا زالت عالقة هناك ..
يتبع
عبد الغني موساوي
-
Abdelghani moussaouiأنا الذي لم يتعلم بعد الوقوف مجددا، واقع في خيبتي
التعليقات
تحياتي لفناننا الجميل