ابن العوام الإشبيلي
هو عالم نبات اندلسي يدعى يحيى بن محمد بن أحمد، ولد في مدينة العلم والفن إشبيلية في القرن السادس الهجري في كنف أسرة ثرية امتلكت أراضي على الضفة اليمنى لنهر الوادي الكبير الذي يصب في المحيط الأطلسي.

في طفولته أنتقل إليه شغف الزراعة وحبها من أسرته فحول البيئة إلى معملاً مفتوحاً لتجاربه الزراعية.

وكأبناء عصره نشأ على حفظ كتاب الله وطلب علوم الشريعة والتفقه في الدين.

كان ابن العوام يرى أن علم الزراعة فناً من الفنون المهمة لحياة الفرد، ولذلك تبحر في دراسة هذا العلم، وأدلى بدلوه فيه، فأخذ يزاوج بين النشاط التطبيقي الذي هو فيه والنشاط العقلي المرتكز على مطالعة الكتب والمؤلفات التي توافرت بين يديه معتمداً على التجارب الميدانية المباشرة،

ثم نقْل الملاحظات والنتائج العلمية ووضْعها في صورتها النظرية.
فابتكر الري بالتنقيط وذلك بغية توفير كمية مياه الري، وقد سمى ابن العوام هذه الطريقة باسم "طريقة الري بواسطة الجرار" وذلك لأنه استخدم في تطبيقها جراراً فخارية صغيرة ثبتها داخل التربة بجانب جذوع الأشجار، بحيث تصل المياه للشجرة نقطة نقطة.


وكان له الفضل في إبداع البيوت المحمية للنباتات التي كان يطلق عليها اسم «البيوت المكنَّة»،

وكذلك أشار إلى ضرورة التقويم الزراعي وأهميته وعمل على تطويره، ليصبح بحق، عملاقاً في حقل الفلاحة حسبما وصفه المستشرق الفرنسي لوسيان لوكلير.

كتاب الفلاحة الأندلسية
كتب ابن العوام كتابه "الفلاحة الأندلسية" في سفرين (جزئين)، وقد تعرض فيهما لمختلف علوم الفلاحة وبصيغة شمولية وعلمية.
فقال ابن العوام عنهما:" ضمنت الأول منهما معرفة اختيار الأرضين والذبول والمياه وصفة العمل في الغراسة والتركيب .. وضمنت السفر الثاني الزراعة وما إليها وفلاحة الحيوان"
تُرجم كتابه إلى الفرنسية والإسبانية واتسم بغنى مادته العلمية،
قدَّم فيه ابن العوام وصفاً دقيقاً لأكثر من 585 طريقة لزراعة نباتات مختلفة، منها ما يتعلق بالأشجار المثمرة، واستطاع أن يتعرَّف أطوار نمو النباتات وصفاتها، ونبَّه في غير موضع على التجارب العلمية التي أجراها بنفسه.
كما يعتبر ابن العوام أول من عرف وحدد الترب على أساس نوعها، والنباتات التي تختص بتربة دون غيرها، وهذا ما يسمى في عرف العلم الحديث (أن النباتات كواشف للبيئة).

وتميز الكتاب مع هذا بالترتيب والتنسيق، وبالجمع بين الأمانة العلمية في العرض والاستشهاد وبين سلاسة الأسلوب ورشاقته، إضافة إلى الروح الدينية التي ظهرت في تقديمه له ببعض الأحاديث النبوية عن الزراعة وعمارة الأرض، ولعل هذه العوامل مجتمعةً هي التي هيَّأت الكتاب ليغدو موسوعة شاملة للمختصين في هذا الفن، أُعجب بها المستشرق الألماني ماكس ميرهوف
فقال: «إنه أحسن الكتب العربية في العلوم الطبيعية، وخاصة علم النبات».

ولارتباط الزراعة بالبيطرة، نجح ابن العوام أيضاً في توسيع دائرة معارفه، لتشمل هذا العلم الذي ظهرت براعته فيه، من خلال ما تحدث عنه في مؤلفاته مما يتعلق بأمراض الحيوانات المستأنسة من المواشي والطيور، وما تحتاج إليه من الأعلاف، وغيرها من المتطلبات التي تعينها على أن تعيش حياتها الطبيعية وينتفع بها الإنسان.

وفاته
توفي ابن العوام الإشبيلي في سنة 580هـ.
١)
٢)
-
إنسانةتتنوع المقالات التي أكتبها مابين الفلسفية و التاريخية و السيرة و التأملية و العلمية.