أتتْ إليّ تشتكي و تبكي من زوجها الشحيح عاطفيّا ، المُهمل و المتجاهل ، قالت أنّهما كخطّين متوازيين لا يلتقيان..لا تشابه بينهما ..
سألتها : هل تريدين الإنفصال؟
أجابت: ليست لي الجرأة أبدا على فعل ذلك ، لا أستطيع رغم معاناتي النّفسيّة .
لو كنت أعلم ما ينتظرني لما إرتبطت به أصلا ، و لكن بعد كلّ هذه السّنين لا أستطيع و لا اريد ذلك..
إننّي اعرفها جيّدا ، كانت طيّبة إلى حدّ السّذاجة ، مسالمة جدّا، تقدّس الحياة الزّوجية و تحترم زوجها ، لقد كانت تحبّه و تخاف منه إلى حدّ لا يوصف،
كان محور حياتها، و غاية وجودها ، ورضاه هو مقصدها ..
ألا يفترض أن يعاملها بالمثل؟ المفروض
و لكن ما لم تكن تفهمه هو أنّ التعلق المفرط به و مطالبته المتكرّرة بأن يمنحها الحنان و الاهتمام و إعتباره مصدرا لسعادتها ، كلّ هذا كان يدفعه إلى الإبتعاد أكثر، كانت تنبعث منها طاقة الاحتياج المنفّرة له..
ربّما يعلّمها الله بأن تقتبس من صفته العزيز و بأنّ تعلّقها الشّديد الذي تكسوه الحرقة و تملأه الدموع يُبعد عنها الأشياء بدل أن يقرّبها منها، لا لأنّ الله لا يحبّها بل بالعكس لانّه يريدها عزيزة مثل خالقها لا ذليلة تتسوّل رضا و إهتمام مَن حولها و بأنّ الزّوج الرّاقي بأخلاقه نعم يضفي إليها سعادة أكبر و لكن يجب ان تتعلّم أوّلا بأنّ السعادة تنبع أوّلا من داخلها ، لا أحد خوّله الله القدرة على إسعاد أحد، بل طاقة السعادة عندما تفيض منها ستلتقطها الأرواح ، و كلّ الأرواح تنجذب نحو من تعلّم كيف يُسعد نفسه بنفسه ، و هناك سينجذب و يعود إليها زوجها..
هل عندما تفهم ذلك و تتعلّمه و تطبّقه و تصبح هذه هي شخصيتها الجديدة ، السعيدة ، الغير متوتّرة، الغير المنتظرة ، المستمدّة سعادتها من ربّها و من ثقتها بنفسها ، يرجع ذاك الزوج إليها بعواطفه التي تمنّتها طول حياتها ؟
هل هو إختبار و عندما تنجح فيه تغمرها السعادة حينها و تدخل جنة الارض بعدها ؟ إحتمال كبير ، فنحن هنا لغاية ، وربما هذه هي غايتها و رسالتها على الارض..
رغم صعوبة الإختبار ، فإدراكها بأنه كذلك و يجب أن تنجح فيه ، هذا سيعينها جدًا في التخلّي عن توتّرها و حزنها ، بل ستجعله تحديّا لها و تؤمن بأنها بعون الله لها قادرة على تجاوز كلّ هذا للدخول أخيرا إلى الجنّة..
يلزمها العزيمة و الصبر و الأمل و اليقين بالله بأنها ستصل ..و ستصل..