السعادة والحزن - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

السعادة والحزن

منظور الحكيم

  نشر في 21 مارس 2023 .


السعادة والحزن من منظور الحكيم

يعلم بل يوقن الحكيم أن السعادة ليست في الخارج أو في حاجات الدنيا بل هي حالة رضا تام عن النفس والحال , وحالة أمان نفسي ,والتخلص من القلق والخوف وكل مايعكر صفو الحياة . ويعلم أن السعادة مشاعر لا تباع ولا تشترى .

فلا يبحث عن السعادة بل يهيأ نفسه للشعور بها . فهو يعلم ان البحث عن السعادة والركض في الدنيا للحصول على هذا الشعور هو كآبة بحد ذاته .

فبمجرد أن تضع السعادة هدف تريد تحقيقه ستبدأ في الدوران في الحلقة اللانهائية تركض حتى تحقق ماتريد ثم تسعد قليلا ثم تعود للركض مرة أخرى للبحث عنها لن تصل الى مايريح بالك في النهاية .

المال والبنون والرفاهية سعادة في الدنيا وذلك لا اختلاف فيه قال الله سبحانه وتعالى (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا ) سورة الكهف آية 46 .

ولكنك لن تستطيع التمتع بهذه الزينة لو لم يكن قلبك مهيأ للسعادة , اذ ا لم تكن راضيا بحالك وبنفسك أو كان الخوف والقلق من صفاتك الشخصية .

ولا يؤمن بهذه المعلومة سوا الحكماء الذين يعتبرون بالعبر وأصحاب الأموال الطائلة الذين وصلوا للثراء ولم يتذوقوا السعادة التي كانوا يبحثون عنها أما بقية البشر فلا يزالون يؤمنون أن المال سيجلب لهم السعادة .

وبالتأكيد لا يوجد ماهو خاطئ في حب المال وحب الزيادة والبحث عن الاستقرار المادي ولكن كل ماعليك معرفته ان الأساس في السعادة هو شعورك الداخلي بالأمان والطمأنينة والرضا والايمان لكي تتمكن من الاستمتاع بباقي النعم .

وسيقول الأغلبية ان هذا مجرد كلام وأن المال هو الأهم وهو الطريق للسعادة , فكيف ذلك وقد قال الله سبحانه وتعالى ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) سورة الكهف آية 46.

الباقيات دلت على أن ماسبقها زائل وهو المال والبنون وأما الصالحات هي الباقية والأكثر خيرا ووثوابا .

وكيف ذلك وهناك أمثلة كثيرة في هذا العالم لمن يملك المال والشهرة وكل ماكان يتمناه ويعاونون الاكتئاب وقد ينتهي بهم المطاف للانتحار .

والسعيد لا يؤذي أحدا ويمتلئ قلبه بالرحمة والحب فكيف للمال والسلطة أن تجلب السعادة ونرى من يمتلكها أمثال (فرعون) يقتل ويظلم بل ويستعبد الناس وكل ذلك ان دل فيدل على افتقاره للسعادة والرضا وامتلاء قلبه حقدا وشعور بالنقص .

ولا يقع الحكيم في فخ السعادة الأبدية وهو أن يعتقد الانسان ان بمقدوره الحصول على سعادة لا نهائية وأبدية وينسى ان الحياة هي دار اختبار وابتلاء وليست الجنة ويوجد بها عقبات ومواقف وقد لا تكون على مايرام دائما وان السعادة الأبدية توجد فقط في جنات النعيم .

ولا يحاول الحكيم أن يتظاهر بالسعادة أمام الناس كما يفعل الكثيرون اليوم حتى أصبحت السعادة مشهد يقومون بتمثيله وأصبحت منافسة وكل متنافس يحاول اظهار نفسه الأسعد .

ولو كنت حكيما لعلمت أن لا أحد منهم يشعر بالسعادة الحقيقية . فمن وجد السعادة سيحاول الاحتفاظ بها ولن يحتاج للتفاخر بها ولكن المحروم هو من يدعي السعادة ليعوض مابداخله من حزن .

فلا تصدق كل من رسم السعادة في ملامحه فقد يمثل البعض السعادة ليجعلك تتبعه وتحاول تقليده فالانسان بطبيعته يحب السعادة ويتبعها ولكنك بعد تقليده ومتابعته لن تشعر بالسعادة كما توقعت وذلك لانها سعادة وهمية كان يمثلها وليست حقيقة .

ويعلم الحكيم ان وراء كل سعادة زائفة هدف فلا يعجب ولا ينبهر من هذه السعادة بل يبحث عن السبب ورائها قد تكون اهداف تسويقية لا أقل ولا أكثر وقد تكون أهداف أخرى وقد يكون إخفاء للحزن فقط ..

ويعبر الانسان عن سعادته بالفرح وهو نوعان محمود ومذموم قال الله سبحانه وتعالى (اذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين ) . سورة القصص76. في قصة قارون .

والفرح المذموم هو الفرح الذي يصحبه كبر والفرح بالمعاصي وظلم الناس والفرح بمصائب الآخرين .

وقال الله سبحانه وتعالى ( قل بفضل الله ورحمته وبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) سورة يونس آية 58

والفرح المحمود هو الفرح بفضل الله عليك بأن هداك وأعانك على طاعته وعبادته وهذا ماينبغي على الانسان ان يفرح به .

وبين الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم كيف أن الانسان بطبيعته يفرح عندما يؤتيه الله الخير والرحمة ويسخط ويقنط عندما يصيبه شيئ من سيئ الأمور بما قدمت يداه . قال الله تعالى (واذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وان تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم اذ هم يقنطون ) . سورة الروم آية 36.

فمن الطبيعي أن تفرح بلطف الله ورزقه ورحمته ولكن بدون مبالغة ولا تفاخر ولا تباهي بنعم الله فقد يحرمك التباهي والتفاخر بالنعم من محبة الله . قال الله سبحانه وتعالى {ماأصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور }سورة الحديد آية 22و23 .

كل مايصيبك في كتاب قبل ان تخلق , فمن الحكمة أن لا تحزن على مافاتك وأن نقابل النعم وما آتانا الله بالحمد والشكر ولا نبالغ بالفرح ولا نتباهى ونختال ونتفاخر والمختال هو من يمشي بين الناس بالكبر ورؤية النفس وان يظن نفسه أعلى من الناس . فالله لا يحب من يتكبرون ويتفاخرون على الناس بما أنعم الله عليهم .

وأما الحزن , فيعلم الحكيم أضراره على البدن والتفس فالدراسات العلمية أثبتت تأثير الحزن على عمل القلب وعلاقته بأمراض آخرى كالسكتة الدماغية والنوبات وغيرها ..

فيرى الحكيم الضرر الناتج عنه فيبتعد عن الحزن ومسبباته ويتمسك بالرضا والايمان بالقدر ويجعل التسامح عادة لا يمكنه التخلص منها والغفران مبدأ ويستعين بالصبر والصلاة والدعاء .

يعلم الحكيم بالعلاقة العكسية بين الايمان والتقوى وبين الحزن والخوف فكلما زاد الايمان نقص الحزن والخوف قال الله تعالى (ألا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون *الذين آمنوا وكانو ا يتقون*لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ) سورة يونس من الآية 62 الى 64 .

وقال تعالى (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) سورة الاحقاف آية13.

وقال تعالى (يابني آدم اما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )سورة الأعراف آية 35.

وقد ذكر الله في أربعة عشر موضع أن من اتبع الهدى والذين آمنوا والشهداء والذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ولا يلحقون نفقتهم بمنة ومن أسلم وجه لله وهو محسن والذين يتقون الله أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

ومن هنا استنتج الحكيم العلاقة العكسية بين الحزن والايمان وعلم أنه كلما زاد ايمانه قل حزنه وخوفه وتبدلا الى رضا وطمأنينة .

ويعلم الحكيم انه لن يجني من الحزن خير فلما يقوم الانسان بما يضره ولا ينفعه ؟ يجب أن تتخلص من الحزن تماما فلا يبقى له في حياتك مكان فلن يعيد الحزن مفقود ولن يزيل الهم ولكن الايمان يفعل ذلك فأنت مخير بين الحزن والايمان بالقدر خيره وشره والرضا به .

والحزن الإيجابي هو الحزن على فوات الطاعات وعلى قلة الحسنات وبعد ارتكاب المعاصي ,وليس الغرض منه الانغماس في شعور الحزن والخزي والندم ولكن الهدف هو أن تعود الى الله تائبا .

سعادتك وحزنك في يد الله ان أراد أسعدك وان شاء أحزنك وقد بين الله سبحانه وتعالى السبب وراء التعاسة قال الله سبحانه وتعالى {ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } سورة طه آية 124.

أكبر مسبب للهم والقلق وضيق الصدر هو الاعراض عن ذكر الله و اتباع أوامره , مهما أظهر لك الانسان من سعادة فلن تعلم مافي قلبه ولكن كن على يقين أن من أعرض عن ذكر الله لن تهنئ حياته ولن يطمئن وسيعيش في قلق وشك وضنك .

وأكبر مسبب للطمأنينة والحياة الطيبة هو عمل الصالحات والايمان قال الله سبحانه وتعالى {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة } سورة النحل آية 97 .

والحل الأمثل الذي يجلب لك السعادة ويبعد عنك الحزن هو الرضا قال حكيم ذات مرة .

*لا تبحث عن السعادة ولا تهرب من الحزن كن راضيا وستجدك السعادة وسيتوقف الحزن عن مطاردتك *


  • 1

   نشر في 21 مارس 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا