كيف يمكن إحداث تطور هائل في المؤسسات ؟
.
في حياتي العملية كثيرا ما أحرص على زيارة المؤسسات التي أنشأها الأصحاب والأحباب من الكفاءات الواعدة من الشباب، وأنا كلي سعادة بأن عددا منهم استطاع الانتقال من العمل الفردي إلى تأسيس مؤسسة، وبناء فريق يعمل من خلاله على تطوير العمل بشكل متسارع
.
ولعل التجربة الأهم في النجاح كانت في المجال الخيري والإغاثي أكثر من المجال التجاري، فهذا مجال صعب والنجاح فيه يتطلب جهودا كبيرة، وذلك لسيطرة مؤسسات كبرى على هذا المجال تعمل من عشرات السنين وبالتالي منافستها يتطلب جرأة وشجاعة كبيرة
.
ولكن اليوم وبعد مرور سنوات على إنشاء هذه المؤسسات واتساعها من كونها تجمع لخمسة أصحاب بدأوا معا إلى أن أصبحت مؤسسة يعمل فيها مئات من الكوادر، وانتقلت من ميزانية بعشرة آلاف دولار إلى ملايين الدولارات
.
يأتي الآن موعد السؤال المهم وهو ما هي الخطوة التالية التي يجب أن يقوموا بها حتى تكون القفزات كبيرة جدا وهائلة في المؤسسة؟
.
وخصوصا أنهم تجاوزا مرحلة التأسيس الصعبة وأصبحوا جاهزين للتوسع ويملكون أدواته؟
.
هنا لا بد لنا من الحديث الجدي ووضع النقاط على الحروف وشرح ما هي الخطوات الأصعب والأكثر حساسية ربما في عمر المؤسسات وهي إحداث النقلة الذهبية ...
خطوة الانتقال من القيادة الفردية إلى القيادة المؤسسية
وهذا يستلزم خطوات مؤلمة
.
أولا: وضع خطة استراتيجية قوية وطموحة تمثل وجهة نظر وطموح الأعضاء في هذه المؤسسة وليس أوليات وطموحات مؤسسها لأنه قد يحصل تضارب بالمصالح هنا،
ومن أمثلة ذلك: أن يرى بعض الأعضاء في المؤسسة أنه يجب الانطلاق نحو العالمية والتعامل مع الكيانات الدولية ويعارض هذا التوجه مدير المؤسسة لأنها يستشعر أن الأمور ستخرج من يده وتكبر المؤسسة أكبر من امكانياته العلمية أو اللغوية أو أو ... فيؤدي هذا لتعثر المؤسسة وتحجيمها ووضع خطط قاصرة ومنخفضة، وهذا ما يمكن تسميته تفصيل المؤسسة على مقاس مؤسسها أو صاحبها، وهذه مشكلة كبرى
.
ثانيا: وضع هيكلية جديدة للمؤسسة وتوزيع الصلاحيات على الأقسام بطريقة صحيحة وعلمية وطبعا هذا قد يعني خروج بعض الصلاحيات من أيدي المدير أو المؤسس، وللإنصاف قد يكون هو حسن النية في معارضة هذا الأمر، لأنه يرى المؤسسة هذه مثل طفله الصغير ولا يمكنه أن يثق بأحد ليعطيه رعاية هذا الطفل، ولا يريد أن يَفطِم هذا الطفل،
.
وهذا هو التحدي الأكبر وهو الخروج من الأنا والإيكو العالي، وترك المؤسسة تعيش وتتنفس وتتعلم حتى من أخطائها وإلا ستتحول المؤسسة إلى مجرد مملكة للملك الأول وتعيش تحت رحمة ظروفه وحالته النفسية والعقلية والجسدية، وهذا يهدد المؤسسة ويمنعها من التطور
.
بارك الله بكل الأخوة وبجهودهم ونفتخر بهم ونشكرهم على جهودهم ولكن يجب عليهم حتى يتطورا أن يستشيروا ويسمعوا للنصيحة.. فما خاب من استشار، والدين النصيحة
توكلوا على الله وانطلقوا للمرحلة التالية من النجاح.. وكلنا معكم
أسامة الخراط
-
أسامة الخراطكاتب في الشأن العام وشاعر في الحب والجمال