مابين تشريع الطلاق وعادة مجتمع ترسخت عقيدته على نبذ الفكرة وتحمل العذابات في سبيل البعد عنها وتحاشيها تكمن المشكلة.
حين شرع لنا ديننا الحنيف الزواج لخص الغرض منه في قوله (وجعل بينكم مودة ورحمة) مودة ورحمة شعور بالاطمئنان بالسكن والأمان للزوج متى انتفى هذا الشعور، متى انتفت المودة فقد الزواج رونقه وهدفه ..وصار عبثا المضي قدما في رابطة لا تحقق غايتها
يتضاد مع هذا الموقف ما صار مترسخا في ذاكرة المجتمع ..الذي يرى ضرورة استمرار الزواج ومحاولة ترميمه والجد في المحافظة عليه ليظل قائما .. بل ونبذ فكرة الطلاق بالكلية إضافة إلى نبذ المطلقات والتطلع إليهن كما وأنهن المذنبات اللواتي فشلن في إكمال مسيرة الزواج حتى وإن كان على حساب سعادتهم من قبل أناس يرون في كل مطلق انسانا معيوبا ناقصا ..فقد فشل في إكمال زواجه .
بين قسوة مجتمع ترسخ فكره على أمور لا علاقة لها بشرع أو تراث وبين رحابة دين منح معتنقيه الحرية والراحة ،بينهما يكمن قيد كبير صيغ حول جيد المتزوجين ..
لا يمكننا أن نحدد بدقة من أين غرست فكرة نبذ الطلاق ،لكن المؤكد أننا أمام فكر عقيم أنجب لنا الكثير الكثير من البيوت الهشة ،والكثير من الأبناء المشوهين ،لكن المجتمع يأبى إلا أن يرى أن الطلاق وحده ما يفرق الأبناء ويشتت شملهم ،لكن الزواج ومؤسسته مهما كانت متصدعة من شأنها المحافظة على الأولاد!!
أتساءل إن كان الزواج دوما يحافظ على الأبناء لما نشأ لدينا جيل يحمل الكثير من العقد والتشوهات الناجمة عن التفكك الأسرى الداخلي حتى والزواج قائم ..
الزواج سكن ومودة تفاهم ما بين زوجين لتنشئة أبناء أسوياء متى انتفى ذاك انتفت غاية الزواج وصار استمراره عبثا بل وتدميرا للزوجين فضلا عن أبنائهم لقد بسط لنا الشرع الحنيف ذاك في قوله (امساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) هكذا ببساطة دون تطلع إلى الآثار السيئة التي قد تنجم عن الطلاق بل حتى انه قد يكون الطلاق خيرا ان تم في تفاهم واحترام دون تشويه كل طرف للآخر صفه ..أتساءل هل يتزوج الناس أم يدخلون ساحة حرب كبيرة ..
المتأمل في حال مجتمعاتنا يرى كم المشاكل الأسرية والأعباء التي يتحملها الأبناء أولا ومن ثم الأبناء جراء محاولات الاستمرار والخشية من المجتمع وحديث المجتمع وو.. فينشأ فساد أكبر باستمراره يلحق ضررا أكبر من الطلاق ذاته
باختصار الزواج ليس خيرا مطلقا والطلاق ليس شرا محضا ، التواؤم بينهما واستيعاب أنه كما للزواج أحيانا ضرورة فالطلاق أيضا حينا يغدو ضرورة على المرء اللجوء اليه بهدوء وسعادة كما الزواج حتى يظل الأبناء دوما في جو من الدفء والتفاهم بعيدا عن محاولة ترميم ما قد صار متهدما بالكلية ..
نهاية أقول للمجتمعات العقيمة المتشبثة بأفكار بالية لا مغزى منها ولا فائدة ترجى ،بالله رفقا بالأزواج ورفقا بالأبناء نقوا اذهانكم وانتزعوا من نفوسكم تلك الأفكار التي شوهت مجتمعاتكم ..
-
Heba Hamdyالكتابة صرخة ،نطلقها بعد أن تروض الحياة أحبالنا الصوتية على الصراخ المكتوم ...