من الصعب أن تعيش الحياة كما تريد في جوانب لن يكون لك بد فيها، ومن الصعب أن تجادل قدرا كتب لك في رحم أمك أنه لك أنت بالذات ..لكن من الحقيقة بل كل الحقيقة أن تعترف بتهورك في فقدانك لجماليات الهناء عن غير قصد منك ،هي نسمات تأخذ منك الكثير ربما الغالي في أنسه لك بعد الله..ربما لحظات سعادة غفلت على الاستمتاع بها لأنك غارق في النضال..أشعر أنك لم تجد سبيلا لها لأنك تحب الحياة بكل تفاصيل المتعة فيها وعليه بدت لك مراتب الرقي صعبة المنال في مجتمع يعج بالفوضى و اللافهم لقيم الجمال التي أودعها الله في الكون كله و في عبده..

خلتك ستخبرني عن الأحزان التي تعمقت في روحك لسنوات وأنت من يحب الرقي ولا يبالي..حسبتك متماسك الهامة للحد الذي تمنيت رؤيتك فيه..لكني أشعر أنك اليوم مختلف عني أو دعني أصارحك أنك تريدها استراحة محارب وأخشى أن تستغرقك طويلا فتنسى من توسموا فيك الأمل وسط الظلام الدامس وكنت أنت القلم الثائر وسط الأقلام الجائرة التي لا تستحي ان تشجع للمصلحة في أغلبها وتكتفي ببعض الكلمات التي لا تطرب لها العين ولا يترنم لها القلب، لست أظن فيك أنك عائد من حيث أتيت لكن الحق أقول:

أن رتب الرقي لا تتأتى الا بعد اجتيازك للأصعب ثم الصعب، نعم هي مراتب ،فالأصعب أنك قاومت لتبقى حيا بفكرك الرائع وأخلاقك السامية ونزاهة قلبك وروحك وجيبك الذي تنحيت غصبا عن هوى نفسك أن تأخذ ما لم يكن لك فيه حق، ثم يأتي الصعب الذي أوقفت فيه سيل الناس الذين انقادوا لك في شعبة من هجوم عنيف على قيمك فقمت بصدهم واحدا تلو الآخر لم تنوي ايذائهم بل مجرد حق للدفاع عن وجودك، وفي نفس الوقت كنت تتسلق الرقي ولك تكن تشعر به، لكن الملاحظون الذين تابعوك أخبروك أنك تكتب جمالا فأثرت في نفوسهم ارتياحا و قبولا..لذلك أفهم ما أنت فيه الآن أنك تريد الاستئذان ، فالمحارب له حق في أن يبتعد قليلا عن أضواء الكفاح لأنها جد كاشفة وجد مرهقة..طبيعي جدا أن تشعر بذلك ، فقط دعني أخبرك بشيء :

لا تطل الغياب فيأخذك سبات الاستسلام للنوم الهني وتنسى أنك يوما ما رفعت تحديا بلا عنوان لأن جميع العناوين رفضت أن تكتب فوق أسطرك القوية الملتهبة بالشموخ فوق أمواج الغربة والوحدة ..لذلك أقولها لك بكل قوة :

عد قريبا فقلوب المحبين لتميزك كثر ولا تنسى أنهم بانتضارك..

لك الحق ان ترتاح لأنك كنت وحيدا في معارك لا يخوضها الا من رفضوا قبول الواقع الذي لم يعجبك.

دمت راقيا أكثر بعد اجتيازك لمراتب الرقي الوعرة...واترك الأحداث تمر مرور الكرام فلن يكون لك فيها دور تلعبه بعد أن لعبت كل الأدوار ولك الآن أن ترتاح ..

أرجو ان تكون استراحة محارب .........فالحرب على الرداءة بدونك لا معنى لها وكيف وقد تعود فيك المعجبون رنات التمرد و الجهر بمكنونات أحرفك التي تريد أن تعيش بها ذاك اليوم الجميل الذي لطالما حلمت به..أعرف أنك وصلت لخط الوصول بعد سباق القيم ضد مسخ الأخلاق وتطاول الفساد وجور المتسلطين ، وأعرف أنك وصلت للمرحلة التي سترمي فيها المنشفة بعد أن احتلت وجهك لتمسح منه حبات العرق المتكالبة على غضبك الموزون.

عش راقيا الآن .. فأنت من صنعت الطريق لذلك الرقي ..خذ نصيبك من السمو فهو يليق بتواضع الجرح المنبسط بين كفتي حنان..والراحة كل الراحة أن تلقي بضلال عبراتك على حجر أمك التي ستشعر أنك تريد الاستسلام الصريح عندها و لن تجد وسادة تضم موسوعتك الخالدة الا حجرا آمنا. ..شكرا لعطائك بلا حدود بأحرف وأحداث ومعارك قُدت من ذهب..