اشربي دوائك يا دكتورة
ابتسمي يا قمر
نشر في 23 أكتوبر 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
انا اليوم المظلوم والمتهم سيدي القاضي طبيبة نفسية
طيب سيدي في زمن اللاطيبة،كريم في زمن الشح،قلبي سليم ،لا احمل الحقد لاحد،انام بعد ان احاسب نفسي على يومي ،هل اغتبت احدا..لا ،هل جرحت كلماتي انسانا ،..لا
اعيش داخل حياتي،اهتم بنفسي،اذهب كل يوم الى عملي ،البس حذائي المهترئ،واضع نظاراتي المنكسرة،لا يهمني احد،لا اهتم لنظرات الشفقة او التعالي في عيون من حولي،احمل المكنسة والبس ثوب عامل النظافة وانطلق الى الشارع،انظف ،في الصيف والشتاء،يلتصق ثوبي بي من الحر او تصطك يداي من البرد،يجري من خلفي الصبيان،يرمونني بالحجارة،اجري خلفهم اهددهم بالمكنسة واتعمد ان لا الحق بهم ،اتحدث الى من يحدثني،ابتسم لمن يبتسم لي ،رزقي من كدي..حلال،لا اترك ورقة لانني متعب ،احملها واضعها في كيس القمامة ،احمل سكينا صغيرا،لا اريد حماية نفسي به فلا احد يحاول الاعتداء على عامل النظافة،هناك من يحبني ،هناك من يحتقرني،هناك من يشجعني،لكن لم يحاول احدهم ان يعاركني في الشارع..سكيني انزع به العلكة الملتصقة بالارض،اريد ان اطعم قمر برزق حلال،قمر ابنتي،هي ابنة عامل النظافة..لا تخف سيدي القاضي تعتد بنفسها وكانها بنت الملك،والدها لم يقدم لها دمية غالية كي تفرح،حملها على كتفيه المتعبتين و أخذها معه الى المسجد وعندما كانا يخرجان كان يقطف لها زهرة ،يجلسان على الرصيف النظيف عمل بكد هذا اليوم لن يخاف على ثوب قمر من الاتساخ وتحت ضوء الانارة العمومية نحفظ الالفية ،انا مهندس سيدي القاضي،الان عامل نظافة وقبل اعوام كنت حمالا في الميناء،لما الخجل،اكسب قوتي من عرق جبيني،لما ولدت قمر عاهدت نفسي ان لا تحتاج لاحد ،اعتل ظهري وغيرت العمل واصبحت عامل النظافة،مازلت اصلح الاعطال الكهربائية اذا ما استدعاني احد الجيران من حين لاخر..تمر ايامي هادئة مع قمر وزوجتي الصبورة،..كبرت قمر سيدي القاضي وصارت طبيبة،بنت الجيران غارت منها،لم تعد تكلمها....،وبعد اعوام اجرت لنا بيتا متواضعا،قمر تحبنا ،ثمرة الرزق الحلال،كل ما تريده سعادتنا وبعض الدعاء،جارتنا الجديدة طبيبة نفسية،اصبحت صديقة قمر،يتحدثان،تزورها كل يوم،تتصل ومر العام تلو العام،وفجأة اغلقت نوافذها والابواب،ما الذي يحدث ،..اكتشفت فجأة سيدي القاضي ان قمر مصابة بالوسواس،مريضة نفسية!قمر تتعب من يقترب منها،ربما تتعبهم بطيبتها وحبها للبشر،انسانة وطبيبة،وصارت تطاردها في كل مكان،تحرض الاطفال لمضايقتها ،لاتمري قرب منازلنا،كلام من هنا وهناك،قصص تلفق،حقائق تزور،صنعت من قمر عقدة نفسية،تجاهلتها قمر..هل توقفت،لا، تطرق الباب نفتح
_اتركينا بسلام.
_سيدي انا طبيبة وابنتك بحاجة للعلاج.
لم اتحمل دمعة قمر اشكوها لك سيدي جرحتني لما بكت قمر ،اتحمل اي شيء الا دمعة ابنتي،احكم ياقاضي،بالعدل،انت مسؤول و المسؤول مسؤول يوم الحساب
القاضي:لتقترب قمر لنسمعها لعلها مريضة فعلا
القاضي: تحدثي قمر
_عن ماذا سيدي القاضي
_هل انت مريضة
_لا سيدي انا طبيبة
_هل انت مصابة بوسواس ما
_لا يمكن ان امرض فانا اعرف ان المسلم لا يمرض نفسيا ،انا شخص متفائل والمتفائلون لا يمرضون سيدي ،هم يزرعون الورود،انا اعالج مرضاي بابتسامتي وكلامي قبل ان اصف لهم الدواء،اشجعهم،اعلمهم لغة الزهور،المريض يهزم مرضه عندما يفهم اسبابه،المنع والعطاء فلسفة عامل النظافة.لا تفهمونها.انا لا اعرف الحسد،لا احب الثروة،لا ابحث عن اسرار الناس،لا اختلق التهم،لا يحركني الطمع،لا اخاف ان اغسل وجهي امام الناس،طيبة كأبي ذلك عيبي. قوية كيديه المنهكتين، اقول سأصل عندما ابدؤ السير،حينما اريد امرا ،وأصل دائما ،لما يقتلني سم المرض النفسي وانا اخذت الترياق يوم ولدت ابنة عامل النظافة.
ابتسم القاضي وقال: يا لكبريائك يا ابنة عامل النظافة، اين الطبيبة النفسية ؟
قامت بكل تعال وقالت: انا سيدي القاضي
لا مريض هنا غيرك،اشربي دواءك يا دكتورة.هكذا حكم القاضي.