لم يكبر ذاك الصبى بداخلي مزال يعيش صباه بين اضلعي .
نعم ادمته مصاعب الحياة لكنه مزال ينهض و يواصل المسير نحو المجهول .
مزال لا يريد التعلم من اخطائه او بالاحرى مما يراه الاخرون اخطاء
فمن وجهة نظره تلك الابتلاءات التي نزلت به إنما هي دلائل علي صحة الطريق .
يعيش عفويته تاركا للناس إثم الظنون..
فله أجرهم ولهم ذنب ما يعتقدون.
اضحت المصائب المتنزلة عليه بهارت غالية الثمن تزين حياته و تنقيها من البؤس و الروتين .
تلك الابتلائات التي ان صاحبها الصبر و التوحيد ما هي الا مفاتيح للجنة و ترياق للخلود في النعيم الابدي .
في بعض الاحيان يأخذ ذاك الصبي بداخلي قمرة القيادة و يتصرف فأحس برحة عند توليه التحكم لكن براءته و عفويته او بالاحرى سذاجته تكلف الكثير ، تعلقه الشديد بالناس يأرقني فما بعد .
اود ان اهذبه من بعد ذلك و اعلمه ان الحياة لا تقف على احد ، عش لنفسك و لدينك و امتك فقط ، لكن كلامي يذهب مهب الريح وي كأني اخاطب صخرة صماء كلما يتولى القيادة يعيد نفس الاخطاء .
انا متأكد ان صياط الحياة و اشجانها سوف يأدبه و سوف يكسبه الوعى و النضج اللازم لكن حتى ذلك الوقت سوف ابقى ادفع ثمن تلك البراءة .
النكسات و الخيبات التي تصادفه في تعامله مع البشر تزيده عقلنية و تستنزف من وقت صباه و بذلك يكبر يوم بعد يوم
الشيئ الوحيد الذي سيحافظ علي ذلك الصبي بداخلي و يحميه من التهرم
بعض العزلة و العبادة و مرافقة الكتب
فمن الوحدة يفوز بقلة الانتكاسات و الخيبات و فرصة لمراجعة الاخطاء و تعديلها
و العبادة نجاة و استمداد للقوة من صاحب القوة و مبرد يهذب به النفس
اما صحبة الكتاب فلم ارى احد قط قد اشتكى من غدر كتاب او من سوء صحبته .
الكتاب يعطيك دروس في الحياة دون ان تجربها و تدفع ثمن خوضها
يكفى للكتاب فخرا ان الرب اكتفى بتقويم الشعوب بارسال انبياء صحبة الكتب فماتت الانبياء و بقيت تلك الكتب تقود البشرية نحو مراد الله .
من يرى هذا المقال يخال في ذهنه ان كاتبه قد تخطى عتبة الخمسين بينما انا مزلت في مقتبل العقد الثاني ، شاب عشريني انهكته هموم امته و خيبات البشر .
و ما مر بي سرع من وتيرة تهرمي و اكسبني الكثير من الوعي و النضج
عقيدتي منحتني شخصية و قضية اعيش لاجلها فقيمة المرئ بقيمة الهم الذي بين جنبيه
أصبحت من شخص يعيش لاشباع شهواته الي شخص يطمح ان يكون لبنة طيبة في حصن الاسلام و معول خير لترميم مجد امة قد اندثر عزها و تحطم .
فمن عرفني و جالسني عرف ذلك و اكن لي احترام لست اهلا له .
عموما كل الناس لديهم شخصيات اخرى بداخلهم لا يعرفها احد غيرهم و هذا ما يسمى عند الفلاسفة بالانا و الانا الاعلى
فأنا بداخلي صبي و انت بداخلك رجل و الاخر بداخله مسن و كل على حسب حالته و ما مر به في معترك الحياة فتتكون له تلك الشخصية الداخلية المخالفة لظاهره لكنها حتما انقى و اطهر من الظاهر و لو انها كانت هي المتصرفة علي الدوام ما اظن ادم خرج من الجنة ..
ابحث يا صاح عن تلك الشخصية بداخلك و اجعلها معزولة عن خبث البشر و مكرهم و لا تغيرها و حافظ عليها فإنها كنزك الدفين و كيانك الحقيقي .
قلم خليل بن علي
-
خليل بن عليكاتب تونسي مهوس من موالد 1995 تقني في الاعلامية و ناشط حقوقي و عضو في منظمة العفو الدولية و مدون في العديد من المواقع و المنصات العالمية و العربية