أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تحرير النقاش حول قضايا عديدة، كانت حتى وقت قريب حبيسة أهل الاختصاص. هكذا صار طرح المواضيع و النقاش حولها طَبقًا يوميا يتناوله الجميع. لا فرق بين متخصص أو قليل المعرفة، أو حتى جاهل بالموضوع.
اختلط الفكر الدارس بالرأي و الانطباع، و برز التعصب المفرط لرأي دون آخر، حتى في غياب الحجة والدليل.
وبرزت تجليات الشرخ الذي يمس الهوية، و الخصوصية، والقناعات الشخصية.
والحجاب من بين الملفات المفتوحة على الدوام، خاصة بعد أن تحول إلى " رمز" للهوية و الانتماء، وتعبير عن الانحياز إلى منظومة فكرية ومذهبية داخل البلد الواحد. بل إن بعض المنتسبين للحركات الإسلامية جعلوا منه رمزا إقصائيا، فكل من يوجد خارج الحجاب، هو بشكل من الأشكال خارج الهوية و المعتقد!
دفعت الحركات الإسلامية بالحجاب إلى مرتبة الاعتزاز بالشعور الإسلامي في مواجهة موجة العلمانية و اللادينية المتنامية بتأثير من العولمة، ومظاهر الهيمنة الغربيةعلى قيم المجتمعات الإسلامية.
وصار من الصعب على مسلمة غير محجبة أن تدافع عن اختيارها وحريتها.
"بدون حجاب لامعنى للانتماء إلى الإسلام"، تلك هي الحقيقة التي تعكسها مواقف أغلب المنتسبين للحركات الإسلامية. ويبدو الحجاب كغطاء للرأس كافيا لتجد الفتاة أو المرأة نفسها داخل تصنيف أو موقع يسمح لها بالفعل والمبادرة، دون التساؤل عن المعايير الأخرى.
ليس غريبا إذن أن تكتفي الشابة المسلمة بحجابها، لتناقش وتحاور باسم الدين، وتفتي، أو تبتدع فتاوى مادام غطاء الرأس رمزا يتيح لها اقتحام كافة المجالات.
بدل عبارة " أميرة بأخلاقي وكفاءتي" تم الترويج لشعار " أميرة بحجابي".
وتحت ضغط المناصفة والمساواة، تم السماح لعدد هائل من المحجبات بالولوج إلى مواقع المسؤولية، لتعزيز فكرة أن غطاء الرأس كفيل بالتغطيةعلى عيوب الكفاءة،والأهلية لاتخاذ القرار، والثبات عند الابتلاء!
فوجئنا بمحجبة برلمانية تنزع غطاء الرأس أثناء رحلةإلى بلد أجنبي..
وأخرى تستغني عنه بعد فسخ عقد مع قناة فضائية.
فهل سيظل شعار " أميرة بحجابي" فعالا أمام ما يعكسه الواقع من إساءة يومية للباس الشرعي؟
-
حميد بن خيبشكاتب شغوف