تعيش المجتمعات العربية صيغة التقمص،بين واجهة سياسية صورية واخرى في الظلال فعلية،واقع يمجد الصورة بامتياز و يصفق لها إعلام صيغته الاذعان لنوازع ارادة الظل،فالبطل اليوم من اراده الاعلام ان يكون كذلك والعكس بالمثل صحيح ،وبين هذا وذاك الامر كله مجرد تسلية للاعب الظل الذي يحرك الامور كما تحرك قطع الشطرنج،غير ان الاختلاف في هذه اللعبة غياب المنطق عكس الشطرنج التقليدي و الفيصل فيها للنقد ،حينها قد يجهض اي مشروع سياسيا كان او اقتصاديا اجتماعيا و لا يبق منه غير الصورة التي تسوق لقطيع الرعايا والادهى ان التقمص الصوري يعاش اليوم في ابسط الاشياء و هو العلاقات المجتمعية البسيطة ،عمق غائب بغياب الصيغة الانسانية، و البارز صور تعكس واقع الانفتاح المشوه ،ويكفي المرء ان يلاحظ تضاعف ساكني دور العجزة ،فمادام الخلل قد اصاب اعمق علاقة بين الابناء و الاباء ،فغيرها لن يسلم من الاسوء ،لكن يبق كل شيء جميلا مادام الكل يصدق شَرك الجماليات هذا ،هنالك جانب من التفاهة سار اكثر تفشيا من غيره من الامراض ورب نظر في الامور خير من تصديقها كما تبدو ،لاينقصنا شيء لنلحق بركب الامم المتقدمة،و لا يحول بيننا و بين هذا سوى السطحية وواقع الصورة الذي يقدس بعيدا عن اي تمحيص او نظر عقلاني.
ولعل اهم مرحلة عمرية تُقتص بمفعول هذا الشرك الصوري مرحلة الشباب،تحتاج مجتمعاتنا الى نضج شامل في العقلية الشبابية بعيدا عن الصور الزائفة للحداثة و الانسلاخ التام عن الهوية ،يحتاج شباب اليوم إلى تعليم راق يلبي طموحهم إن وجد،ويؤسس له ان لم يكن كذلك،نحتاج إلى إرساء ثقافة عمل مبنية على العطاء و الابداع وليس مجرد وظيفة تزكي واقع الفكر الاستقراري التقليدي،نحتاج إلى شباب بلغوا من النضج الفكري ما يكفل لهم فرض انفسهم في واقع المشهد السياسي وليس مجرد صورة تنمق الواقع الديمقراطي، يعاب على المجتمع والسياسة العامة غياب التشجيع للمبادرات الشابة في المجالات الحيوية وتكتفي بذلك عندما يتعلق بسطحيات الاشياء،لكن ذلك لايهم واهم مافي الامر ترسيخ فكر المبادرة الحرة و العصامية،وتكريس فلسفة النجاح لتكون واقعا شاملا وليس مجرد امثلة تبزغ بين الحين والحين ،حينها فقط قد تكون الصورة العامة للمجتمع اكثر شفافية و مصداقية ،اما الآن فكل شيء يبدو لي اخرقا ،فارغ المعنى مادام لا يلامس جوهره، وليس في هذا شيء من التشاؤم فنبراس الايام في هذا الواقع تزكيه نظرة الى الجانب الممتليء من الكأس واننا مازلنا هاهنا شبابا نرجو الخير العميم لامتنا وجعل صورة المجتمع اكثر مصداقية واجود نفعا لنا و للاجيال القادمة وان لم يكن شاملا فرب ان يكون في الذات و يقينها بقدرتها على التغيير.وجرعة من الواقعية و الايجابية افضل مايمكن ان يعيل على تحقيق المنشود الى جانب العمل.