في ذلك اليوم الذي التقيتك فيه كتبتك، كتبتك لأودعك، كنت أحاول أن أغتالك بالكلمات ... كنت أشيعك لمثواك الأخير لأن قلبي لم يعد يستطيع أن يحمل نعشك ... لطالما كتبت نعيك و عبثا كنت أنشره في كل الجرائد لكنك كنت تُبعث في كل مرة و أنا أفنيك و أمنحك أكسير الحياة ... و لكن هذه مرة ليست ككل مرة.
هو لم يكن حبا، كان طريق وِحدة سكنته أنت و لم تُرِد أن تغادره. و أنا أراقب السماء هذه الليلة تملكني شوق رهيب؛ ليس إليك، شوق الى الله ... شوق لأنام في رعايته و أستيقظ في حفظه، شوق الى من غادر قلبي، الى من هَجّرته منه ... فأنا أفضل أن يقتلني غيابك على أن يقتل حضورك الله في قلبي. أتوسلك هذه الليلة أن تغادرني و لا تعود أبدا، أن تكون آخر مرة أرافقك فيها الى الباب ...
هأنا أخط دعائي و أكتب صلواتي و يبتهل قلبي و أنا أنظر الى السماء، الى ما وراء السماء ... أسأل الصفح من أهل السماء عن غياب طال، راجية أن أنام هذه الليلة في أحضان رحمته و أستيقظ لأستنشق نسيم الشوق إليه بقلب لا يحوي غيره و خطى لا تذهب إلا إليه.
أرجو أن أستيقظ لتعود كل تلك الأحلام الزمردية ، النسمات الخريفية و العطور الربيعية، أتمنى أن أعود ليس في الزمن ... أن أعود الى البعد الخامس ... بعدي أنا ... فأنا لست متغيرا في فضاء المكان و الزمان. أريد أن أبدأ من جديد بمعزل عن ذاكرتي ... بمعزل عن كل شيء ... حيث لا يوجد غيري ... روح لم يخالطها غبار الحياة أو بالأحرى غبار واقع لا أؤمن به ... أريدها روح طفولة مازلت مليئة بالأحلام، تؤمن بالمستحيل، تعشق النظر الى السماء ... فأنا و إن مات بعضي مازلت أؤمن بكل بواعث الأحلام ... مازلت أؤمن بما تسميه أنت و غيرك سخافات الحياة ... عالم المثل ... و جنايات الأسنان. أريدها حياة منه و إليه و كفى.
هأنا ذي أكتبك لأنساك ... فأنا أنسى ما أكتب ...
-
شــــــــروقأحب الكتابة بالإضافة للكثير من الأشياء، أحبها فقط و لا أحترفها ... أكتب لأكون أنا ... أحلم بوطن و الوطن غائب غير موجود ... ...